در حال بارگذاری ...
Sadegh Khademi - Optimized Header
Sadegh Khademi

المعراج

# المعراج
المعراج عملية تحليلية متدفقة ومتشابكة من الأدوات والسبل ومصادر المعرفة الإنسانية الإلهية، تتجلى في مراتب الكمال العالية الصاعدة والمرتقية، وفي مرحلة القلب، للارتقاء من الدنيا إلى ما وراء الناسوت، حيث يتجلى حب الله تعالى ومحبة الخلق له، وجمال الحق المطلق وتعيّناته العليا، فتُرى أو تُحضر، وبلوغ الإنسان الإلهي إلى مقام الحب والطهارة والعشق النقي ولقاء مطهّر، وبالرجوع إلى الإطلاق، لا يكون له تلوث أو حجاب أو بيئة غريبة أو نامحرمية.
ذروة المعراج هي الارتقاء من الظواهر والوصول إلى الوجود المطلق، وإدراك التوحيد الحقيقي، والاستقرار في مقام الوحدة، والجمع بين التنزيه والتشبيه، وبين البداية والخاتمية.

## تناسب ختم المعراج مع البداية التحويلية
نطاق المعراج الصاعد للإنسان المتمتع بالعروج الروحي مرتبط بنقطة بدايته وظهوره، ونهاية صعوده، التي هي امتياز ودرجة معرفته النوعية، تابعة لبدايته في السير النزولي، الذي هو تحويل الدرجة إلى بسط وإبداع وتفتح، يتحول في كل تحويل إلى تركيب.
كل ظاهرة لها نقطة ظهور وبداية، ونقطة ختام ونهاية، ونهاية كل إنسان متناسبة ومتوافقة مع بدايته. كلما تحولت الظاهرة في سيرها التحويلي النزولي من ميدان وساحة أعلى إلى أدنى نقطة شرف وتنزل، كانت متمتعة بالكمال الكلي، وحققت أعلى درجات الارتقاء والتكامل حسب تناسبها. لذا فإن عروج الظواهر المتمتعة بالمعراج، التي تنزلت إلى الناسوت، متناسب مع نقطة بداية تعيّنها، ومع الاسم المعيّن لها تقوم قيامتها ومنزلتها الخاصة التي ظهرت بها. كل اسم مُظهر يظهر بتجلٍّ له مظهر عيني وخارجي في تعيّن خاص ومكانة محددة. فمنها من يجد ظهوره في الأحدية الجامعة للجمع، ومنها في صف النعال في عالم النزول والناسوت، ومنها في الواحدية، ومنها في المثال النزولي وقرب الناسوت، ومنها ظاهرة ملكوتية، ومنها من حضرة الأرواح.
الإنسان الإلهي في مرتبة المحبوبية النورية الذاتية، سواء في ذروة النزول والوحي المباشر، أو في ختم العروج والمعراج، يرى ويحضر الوجود وجميع الحضرات والعوالم وظواهرها، والحق تعالى وأسماؤه وصفاته المُظهرة ومظاهرها، باستمرار وثبات، وهو متمتع بمعراج حيّ وقائم، وفي هذا المعراج يختبر كمال الارتباط وسكرة العشق والصفاء مع ظواهر كل حضرة وعالم، ومع الحق تعالى.
هذه الرؤية والحضور الدائم والضروري، المبني على الكمالات الحقيقية والمتطلب لتحقيق الكمالات، يُبعد الجهل وجميع لوازمه وآثاره وانفعالاته السلبية – كالاضطراب والقلق والحزن والتلوث – عن جوهر الإنسان الإلهي، ولا يدعه يصاب بالحيرة أو التيه أو الجهل في أي موضع.

## الروحانية والقلبية في المعراج
المعراج في العوالم الماورائية حتى نهاية خاتميته، وهي عوالم الربوبية واللاهوت، خالٍ من أي مادية، ومن يدّعي جسمانية مثل هذا المعراج فهو جاهل، وقد ألحق بالحق تعالى نقصًا وكسراً عظيماً.
الجسم العنصري المادي، وإن كان جسداً متروحاً وفي غاية اللطافة وتابعاً لروح الإنسان الإلهي، لا يمكنه بحكم عدم تجانسه مع العوالم الماورائية أن يرتقي إلى الملكوت محافظاً على طبيعته المادية، إلا إذا دخل إلى تلك الحضرة بجسد متناسق مع كل ساحة. لكن السير من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الذي لا يتجاوز الطبيعة المادية، يمكن أن يكون جسمانياً. الإنسان الإلهي يتمتع بقدرة التمكين والهمة بحيث يستطيع تحريك جسمه في بُعد آخر بحركة تفوق سرعة الضوء، ويمنحه عازلاً وحافظاً يمنع تحلله، وهذا العازل يُنشئه بقوة همته. وهو قادر على خلق أجساد له بأي شكل أو هيئة.
المعراج يتطلب القرب والأنس بالوجود وظواهره، واصطحابها معه. نهاية المعراج هي معيار وقياس مدى سعة معرفة المرتقي.
المعراج هو الارتقاء والمشاهدة الحضورية لتجليات الحقيقة الوجودية على حقيقة النفس الأمرية، حقيقة لا يمكن الإشارة إليها بأي وجه. الإنسان الإلهي في هذا المقام يبلغ علم الوجوب الإلهي وفناء الذات، بل وصولاً إلى مقام الذات المتصل. في هذه العروجات يُعرف الرب بالرب، ومنه إليه برجله وبإرادته. وقد ورد في كتاب *مصباح المتهجد* للشيخ الطوسي، عن أبي حمزة الثمالي، عن الإمام السجاد (ع) في دعائه الم CAREER:
«بك عرفتك، وأنت دللتني عليك، ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدر ما أنت».
تو را به تو عرفت، وأنت دللتني على ذاتك، ودعوتني إليك، ولولا هدايتك ما علمت من أنت.
وفي الدعاء نفسه: «هارب منك إليك».
فارّ منك إليك!
في هذه الساحة، لا ملجأ إلا الحق تعالى:
﴿قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ (الجن: 22).
قل: إنني لن يجيرني من الله أحد، ولن أجد من دونه ملجأ.

## أنواع المعراج القلبي
المعراج القلبي يتحقق على نوعين: رؤية بلا حضور، ورؤية مصحوبة بالحضور في المشهد والارتقاء والتدلي. المعراج الرؤيوي يفتقر إلى الحضور المباشر في العوالم أو استحضارها في عالم، وهو مجرد رؤية لعوالم أخرى وظواهرها. رؤية الملكوت من قبل إبراهيم (ع) في الناسوت مثال على ذلك:
﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ (الأنعام: 75).
وكذلك أرينا إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ليكون من الموقنين.
أما المعراج الحضوري، الذي هو عروج وارتقاء، فقد ورد في القرآن الكريم:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1).
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير.
أدنى العروج القلبي والارتقاء من الجسم وتجاوز السير الأرضي يختلف عن الدروج التي تخص السالكين أو المرتاضين المبتلين بالنفس أو الأفراد الضعفاء والمرضى، التي تعتمد على الخيال ولا تتجاوز الدخول إلى المثال الناسوتي بجسد مثالي، وبالانسلاخ عن الجسم الناسوتي.
الجسد يختلف عن الجسم والكالبد الجسماني، وهو في أفق أعلى ولطيف، وله خصائص الجنسية مثل الكالبد الجسماني. الجسد الذي يشكل تركيبه الحقيقي مع القلب والروح هوية الإنسان، ولا يمكن الانسلاخ منه في أي من الحضرات الخلقية، بخلاف الكالبد الجسماني والجسم الناسوتي، اللذين يمكن الانسلاخ منهما إرادياً في هذا العالم بحياة ناسوتية مع ظهور القلب وارتقائه، وفي حالة الكمال الإنساني يمكن استبدالهما بأجساد مشكّلة بالنفس أو القلب أو الروح، بأشكال وهيئات متناسبة.
موضوع المعراج، مثل موضوع الوحي، هو الحياة القلبية، التي تختلف عن الحياة النفسانية أو المادية. لذا لا يمكن الوصول إلى الحياة القلبية بدراسة علم الأعصاب الموجّه نحو المادة، لأن الحياة الفوق-جسدية للقلب ومراتبها الأعلى تتمتع باستقلالية تمكنها من الانسلاخ كلياً من الحياة الجسمانية.
التفاف الأرض من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (الإسراء) والعروج من مقام القلب بجذبة روحية في ما وراء المادة، وتجاوز حضرات الملكوت والأرواح، والسير إلى– في هذا العالم بحياة ناسوتية مع ظهور القلب وارتقائه، وفي حالة الكمال الإنساني يمكن استبدالهما بأجساد مشكّلة بالنفس أو القلب أو الروح، بأشكال وهيئات متناسبة.
موضوع المعراج، مثل موضوع الوحي، هو الحياة القلبية، التي تختلف عن الحياة النفسانية أو المادية. لذا لا يمكن الوصول إلى الحياة القلبية بدراسة علم الأعصاب الموجّه نحو المادة، لأن الحياة الفوق-جسدية للقلب ومراتبها الأعلى تتمتع باستقلالية تمكنها من الانسلاخ كلياً من الحياة الجسمانية.
التفاف الأرض من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (الإسراء) والعروج من مقام القلب بجذبة روحية في ما وراء المادة، وتجاوز حضرات الملكوت والأرواح، والسير إلى مقام الأحدية بمساكنة وعشق، هي من وجوه معراج خاتم الأنبياء (ص).
المعراج، مثل الوحي، يتحقق بطريقين: إما بسببية مباشرة وجذب إلهي من الأعلى في الصعود، وإما بتسبّب وسير قائم على جهد منهجي وتوجيه أستاذي من الناسوت. طريق التسبّب في المعراج متسق مع طبيعة حضرات العوالم وظواهرها، وهو متاح للسالكين المحبين بالأدوات المناسبة وبالجهد المتواصل والمستمر، وبالرياضة والصعوبة وبشكل تدريجي.

## مراحل ومنصات المعراج
المعراج له مراحل وفصول ومنصات إطلاق وارتقاء، بحسب المراتب والمقامات الباطنية. العروج من مرتبة إلى أخرى هو مرحلة عروجية ومنصة ارتقاء. السرّ والخفاء والإخفاء الخلقي، ومراتب الفناء، والسير في الأسماء والصفات، وفي مقام الذات المحطم للتعيّن، هي من منصات المعراج. هذا السير، وإن كان جامعاً ومتمتعاً بأعلى امتياز ختامي – كأن يكون بدرجة عشرين من عشرين – هو أمر نوعي ومفضّل، ويختلف بين جميع من نالوا العشرين في الرتبة، فأعلاهم يملك معارف نوعية يجهلها الآخرون. جميع مراتب الارتقاء هي ظهور العشق حسب المرتبة.

## تناسق الجسم والباطن
حواس الإنسان الإلهي الظاهرة والباطنة في ختم المعراج تصل إلى وحدة واعتدال كامل وكمال استواء. جميع آثار وأحكام ظاهره متناسقة مع آثار وأحكام باطنه، وقالبه كقلبه ولبه، وظاهره موازٍ لباطنه. على هذا الأساس، تتسق جميع حواس الإنسان الإلهي الظاهرة والباطنة في ختم المعراج مع قلبه، وهذه الحواس الإدراكية لا تتدخل في الوحي الإلهي ولا في الواردات ولا في سائر معارفه، وجهته الحقيقية لا تختلف عن الحق تعالى إلا بأن الحق تعالى ذو ذات مستقلة، والإنسان الإلهي ليس إلا ظهوراً ووجهًا منه، ولا يملك استقلالاً أو ذاتاً قائمة بذاتها.
الإنسان الإلهي هو ملجأ ومدافع عن خلق الحق تعالى، وهو يارٍ ومربٍ وقوة للظواهر بعشق الحق تعالى. كل ظاهرة، بالتعايش والمحبة والمودة مع الإنسان الإلهي، تصبح مقتدرة ومحبوبة للحق تعالى بكل معنى الكلمة. الإنسان الإلهي يقود الظواهر إلى ساحة القدس الربوبي ومخزن النور الأنوار بعشق، ويدخل عظمة الربوبية وركن التوحيد إلى القلوب وملكوتها بعشق. ركن التوحيد هو إزاحة غير المحبوب والثبات على صراط العشق المستقيم للحق تعالى:
﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ (الجن: 16).
وإن استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً.
الإنسان الإلهي في مقام الوساطة والوسطية وميدان الريادة هو جميع آثار وأحكام الظواهر وملكوت كل شيء وكلمته وأمره، وبه يُعرف أنه لا إله إلا الله، الذي هو حقيقة كل شيء، ومعنى ﴿لا إله إلا أنت﴾ يتجلى به. العبادة تتحقق بالتوسل والاستمداد منه. ما يبقى هو وجهه الحقي وارتباطه به، وكل شيء متمتع بالظهور بواسطة ساحته الربوبية. خاصة أن وصف الله وشهوده يكون دائماً بالوجه لا بالكنه. كل مدح ليس إلا لله، وكل عبادة ليست إلا له، لأنه لا وجود حقيقي إلا هو، وجود معروف وواضح، وصفه خاص به، لا يحده حد الظواهر ولا يتقيد أو يتعين.
الإنسان الإلهي هو كنز العلم الحاوي لكل علم، من أطاعه اهتدى، وصار نجيباً ومنتخباً ومستوراً ومغموراً في الغربة والغيبة دون أن يتيه:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (الأنفال: 29).
يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم.
الإنسان الإلهي ساكت وساكن وهادئ، متتابع في طاعة حضرة الأحدية. اسم الله الأعظم، الذي هو حقيقة تكوينية ومُظهر، معه؛ اسم إذا أصاب شيئاً جعله كما ينبغي أن يكون. إن أصاب الليل جعله مظلماً ومصدراً للراحة. يجب الالتجاء إلى الإنسان الإلهي بدلاً من الاعتماد على النفس، فملجأه هو ملجأ الحق تعالى، وهو يهدي كل أحد إلى طبيعته.

## الفرق بين المعراج القلبي والسلوكي
صعود المادة والناسوت، الذي هو ارتقاء إلى القبض والجمع والفناء والتدفق، ينقسم إلى دركات الأفول والتنزل، والدروج ال (الناسوت)، ونهاية العروج الكامل ومعراج المقربين. المعراج يُطلق فقط على ارتقاء المقربين، وبخاصة الكاملين، ومصدره القلب. أما الارتقاءات الدنيا، القائمة على الخيال المتصل أو المنفصل، فلا يُطلق عليها عروج، بل هي دروج، حيث ينقطع الاتصال والارتقاء بسرعة. الدروج تشبه حركة الطفل الناقص الذي يتعثر ويسقط أكثر مما يمشي.
المعراج القلبي يختلف عن الدروج السلوكية. الدروج السلوكية تقوم على الكشف والرؤية الخيالية والسير والسلوك، وإذا تحولت إلى عروج فهي سفر في المثال المتصل أو المنفصل النزولي الناسوتي، أو مشاهدة الأعمال والأحوال المعلقة في المثال الناسوتي بأدوات الحواس الباطنية الموازية لها عبر الخيال. هذه التعيّنات الخيالية قائمة بالفاعل المشاهد، ولا تتمتع بالواقعية إلا إذا كان لها نظير في الخيال المنفصل النزولي أو الصعودي الناسوتي، وإلا فهي إنشاء ذهني منقطع عن الواقع ومبتلى بنوع من الاضطراب أو المرض.
مع مراعاة طرح الظهور والبطون وكون كل كمال فعلياً، فإن رواية ليلة المعراج هي تقرير لإبراز وإظهار مشهد من متن الواقع وتسجيله. هذا الحدث، بحكم قاعدة عدم تكرار التجلي والظهور، له شأن متفرد، وباعتباره كذلك، فإن المعراج وفضيلة كل نبي وولي إلهي دائماً حيّ، ومثل كل ظاهرة أخرى، قابل للدراسة للإنسان الإلهي في ساحته وبالتعايش.
هذا المعنى يُدرك بدقة مع الحركة الوجودية والوصف اللا-متعين لقيومية الذات الإلهية الأزلية والأبدية، التي تنزّه كل مفهوم وتجعله مطلقاً وغير متناهٍ، وتُنشئ منه أمراً مطلقاً وحقيقياً وظاهراً من آثار وأحكام الذات الإلهية في الماوراء، غير متورط في الأبعاد المعروفة كالعرض والطول والعمق والزمان المادي، وتصنع صفات خاصة لكل ساحة.
قابلية دراسة جميع الظواهر تكشف الخداع والادعاءات الكاذبة والتشويشات التي أوقعت بعض المدعين الكتابيين والبسطاء المخلصين لهم في وصف الظواهر الماورائية، كتابات لا تتسق مع الساحات ذات الترتيب والترتب والظواهر التي لكل منها مقام معلوم، وتوقعهم في خلطات أساسية وأساطير من صنع عقول منقطعة عن الواقع.

## المعراج الكامل للنبي الأكرم (ص)
في تاريخ الإسلام والنصوص الروائية، ثبت المعراج للنبي الأكرم (ص). لكن ما ورد في هذه الروايات هو جزء يسير من أحداث المعراج، جاء كنموذج وorty مثال. هذه الروايات تحدثت عن حضرات العوالم وظواهرها وأحداثها، وموقع ومكانة كل نبي وولي إلهي، وحضرة الأرواح والأنس والمخالطة مع الأرواح العالية، وأحوال البرزخ ووجوه البرزخيين، ومغيبات القيامة.
أحاديث المعراج، التي تنقل الأحداث الحضورية والمُختبَرة، مهمة ومحل اهتمام، لأنه لا يمكن في المعراج الاعتماد على غير النص أو على أقوال الأفراد العاديين أو كشوفات المحبين. لكنها ليست خالية من الجعل والتحريف والنقل بالمعنى وتغيير المحتوى. المهم أن يكون الرواة والناقلون قادرين على تحمل وفهم وحفظ الأحداث، وأن ينقلوا – على سبيل المثال – الكرسي الذي هو ظاهر الظهور، والعرش الذي هو باطن الظهور، واللوح والقلم والسماوات السبع وسكانها وأهلها كما سمعوها وفهموها بصورة صحيحة. لذا إذا كان رواة سند هذه الأحاديث أشخاصاً عاديين لا يملكون تخصصاً في متون المعارف ولا تلبسوا بالارتقاء وفهم متناسق مع تلك العوالم، فإن روايتهم، التي هي نقل بالمعنى والمحتوى وبإنشاء الألفاظ من قبل الوسطاء المتعددين، تواجه النقد والإشكال، ولا يمكن الوثوق بمعاني موازية لظواهر الغيب في حضرات أخرى أو استنادات تُنسب إلى النبي الأكرم (ص). خاصة أن معراج النبي الأكرم (ص) خاص به ولا يمكن تكراره أو نقله لآخر أو دراسته من قبل غيره. هذه المعراجات، التي تختلف فيما بينها، تتميز عن المعراجات السلوكية ومعراجات الأنبياء الأخرى، ولا يمكن مقارنتها أو تطبيق أحكام وأحوال إحداها على الأخرى. لكن المهم هو أصل معراج النبي الأكرم (ص)، الذي وقع مرات عديدة بحسب الروايات، ولا نقاش في إثباته، وهو من العقائد الضرورية والثقيلة في الإسلام، وبخاصة في التشيع، حيث يعد من الرموز البارزة للإيمان. معراج وارتقاء ليس مقتصراً على النبي (ص)، بل يتحقق للإنسان صاحب القلب المتمتع بالارتقاء والجذب والمحبوبية بالجهد أو بالموهبة.
حضرات العوالم هي ملك واسع ودولة ممتدة لله، وظواهر وأحداث كل حضرة غير متناهية وفي متناول أصحاب القلوب والكمالات العالية. أحاديث المعراج هي تقرير محدود وقليل جداً منها، إذا وصلت إلينا بصورة صحيحة دون تغيير أو تحريف.
من يملك المعراج الكامل هو من يجمع بين الحقائق الظاهرية وحضيض المحسوسات وشريعة الظاهر مع الكرسي والعرش والسماوات السبع وذروة العروج وقلب الله، بصورة متشابكة وبصفاء وعشق وارتباط، بحيث لا يكون له تعيّن غريب أو نامحرم، ولا ينأى بنفسه عن الناسوت والتعايش مع المادة بحجة اللاهوت. الحضور في كل حضرة يتطلب مساكنة مع ذلك العالم وظواهره. تعدد المعراجات يرجع إلى تنوع حالات القلب.
منصة الإطلاق والارتقاء إلى الحضرات الأخرى تتطلب تثبيت مطار حضرة الناسوت والالتزام بالشريعة الختمية. النبي الأكرم (ص)، الذي ختم المعراج، كان في الناسوت يؤدي صلاة الدنيا بفراز ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾، التي هي معراج المؤمن وعمود الدين، وكان يتعايش مع نساء كثيرات بعلم ووعي، دون رياء أو زهد سلبي. لطافة النساء الصافيات مدد في الارتقاء، كما أن التعايش مع النساء الخشنات أو الحيوانات أو الطيور أو الأشعار الجياشة والغزليات العاشقة له دور برج المراقبة ومدرج المطار لإيجاد الذات في الناسوت والاستقرار، حتى يمكن بثقل النازكة الإلهية من غمزات هذه المراسي الخلقية أن يُحبس الإيمان والعشق والوحدة من ذروة اللاهوت في حضرة الناسوت، مع الحفاظ على التوازن والاستواء.

## العشق الناسوتي والملكوتي
عشق الناسوت وعشق الملكوت وسلامة الناسوت مع سعادة حضرات المعاد متشابكة. الإنسان الإلهي يذهب بناسوته وعشقه إلى اللاهوت، ويعود بلاهوته وعشقه إلى الناسوت. هو متمتع بمعاني وحقائق الأسماء الإلهية وعالم الأمر دون واسطة، وعالم الخلق يُدبر بواسطته، وفيض الله يصل من ساحة الربوبية إليه، ثم منه بعشق إلى سائر المظاهر. هو في فناء الإطلاق يسلب الهوية ويترك الصفة والاسم والفعل، ولا يملك مشيئة أو إرادة إلا إرادة الله الضرورية.
في هذا الفناء والضرورة وفي ذروة العشق والوحدة، الإنسان الإلهي ليس غريباً أو نامحرماً في أي مكان، وهو أمين على سرّ الله ومظاهره. إذا قال القرآن الكريم:
﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ (البقرة: 187).
فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم.
فمعناه أن المعرفة والسلوك والعلم يجب أن يُطلب من باب الصفاء والعشق والمباشرة والبشارة والفرح، وبالهيجان والعاطفة. ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ مع ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾، أي بالعشق يمكن تتبعه وبالسكرة والنشاط طلبه. تحدثنا عن مصاحبة العشق والمعرفة في الفصل الأول.
الإنسان الإلهي يعرف كل شيء وما كتبه القلم الإلهي، لكن التفاته إلى عالم الأمر وحضرة الأحدية ولقاء ذات الله مستمر ودائم دون توقف. صاحب المعراج الختمي، في تعايشه ومصاحبته للظواهر، في صلاة حقيقية وتوجه شامل لحضرة قدس الحق تعالى:
﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ (النور: 37).
رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار.

## روايات المعراج
نستعين بذكر بعض روايات المعراج التي تتحدث عن مشاهدات تتعلق بأمير المؤمنين (ع):

### المشاهدة الأولى
السيد صدر الدين علي بن أحمد بن محمد معصوم حسيني دشتكي شيرازي، المعروف بالسيد علي خان مدني أو ابن معصوم مدني (مواليد 1052 هـ)، من علماء الشيعة في القرن الثاني عشر الهجري ومن شرّاح الصحيفة السجادية، روى الحديث التالي بسلسلة سنده التي تضم 27 أباً وابناً متصلين دون انقطاع.
السند كالتالي: حدثني والدي السيد الأجل أحمد نظام الدين، عن والده السيد الجليل محمد معصوم، عن شيخه المحقق المولى محمد أمين الأسترابادي، عن شيخه طراز المحدثين الميرزا محمد الأسترابادي، عن السيد أبي محمد محسن، قال: حدثني أبي علي شرف الآباء، عن أبيه منصور غياث الدين أستاذ البشر، عن أبيه محمد صدر الحقيقة، عن أبيه إبراهيم شرف الملة، عن أبيه محمد صدر الدين، عن أبيه إسحاق عز الدين، عن أبيه علي ضياء الدين، عن أبيه عربشاه زين الدين، عن أبيه أبي الحسن أميران به نجيب الدين، عن أبيه أميري خطير الدين، عن أبيه أبي علي الحسن جمال الدين، عن أبيه أبي جعفر الحسين العزيزي، عن أبيه أبي سعيد علي، عن أبيه أبي إبراهيم زيد الأعشم، عن أبيه أبي شجاع علي، عن أبيه أبي عبد الله محمد، عن أبيه علي، عن أبيه أبي عبد الله جعفر، عن أبيه أحمد السكين، عن أبيه جعفر، عن أبيه السيد محمد المحروق، عن أبيه أبي جعفر محمد، عن أبيه زيد الشهيد، عن أبيه علي زين العابدين (ع)، عن أبيه الحسين سيد الشهداء، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول:
«لا تسبوا علياً فإنه ممسوس في ذات الله تعالى».
العلّامة المجلسي نقل سند هذا الحديث الشيعي في *بحار الأنوار*، المجلد 107، الصفحة 30.
الرواية المذكورة لها عدة سندات، منها طريق شيعي يصل من أمير المؤمنين (ع) إلى النبي الأكرم (ص). هنا نذكر سنداً يرجع إلى أحد كبار أهل السنة. بعض سندات روايات المناقب الثابتة ضاعت عبر التاريخ بسبب سيطرة الخلفاء والأمراء من أهل السنة وحظر الحديث لمدة قرن (حتى 100 أو 101 هـ) لأغراض سياسية تهدف إلى منع نشر فضائل أمير المؤمنين (ع) والترويج لمذهب أهل البيت.
الرواية التالية، بسند مذكور، وردت في أكثر الكتب الشيعية المعتبرة وبعض كتب أهل السنة التي التزمت بالإنصاف والعلم والصدق، ولم تتأثر كثيراً بضغوط السلطات الثقافية، ولم يُطعن فيها أو يُنقد.
في الرواية، تبقى المسافة الزمنية بين الراوي ومؤرخ أحداث كربلاء الرئيسية، أبو مخنف (توفي 157 هـ)، الذي لا يُعرف تاريخ ميلاده أو عمره، وبين عبد الله بن عمر (توفي 73 هـ)، من المجهولات التاريخية، والرواية مبتلاة بالانقطاع. ورغم عدم الثقة حتى في تاريخ وفاة أبي مخنف المذكور، فقد يكون توفي قبل ذلك، أو ربما عاش عمراً طويلاً (حوالي مئة عام)، مما قد يعني أنه أدرك ابن عمر في صباه. لكن، على أي حال، عاش جزء من حياة أبي مخنف في فترة رفع حظر كتابة الحديث. معظم أحداث عاشوراء وصلت عبره، ويُعد أبو مخنف من المصادر المهمة لتاريخ العراق حتى نهاية الخلافة الأموية.
الرواية التي يظهر في سندها أبو مخنف، لوط بن يحيى، المؤرخ وكاتب مقتل نينوى المعروف، هي كالتالي:
فرواه صدر الأئمة موفق بن أحمد المكي، خطيب خوارزم، عن المهذب، قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن علي بن زيرك المقرئ، أخبرنا والدي أبو بكر محمد، قال: أخبرنا أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن محمد النيسابوري، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الننجي البغدادي من حفظة بدينور، حدثنا محمد بن جرير الطبري، حدثنا محمد بن حميد الرازي، حدثنا العلاء بن الحسين الهمداني، حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي، عن عبد الله بن عمر، قال:
سمعت رسول الله (ص) وسئل: بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج؟ قال: خاطبني بلغة علي بن أبي طالب (ع)، فألهمني أن قلت: يا رب، خاطبتني أنت أم علي؟ فقال: يا أحمد! أنا شيء لا كالأشياء، لا أقاس بالناس ولا أوصف بالشبهات، خلقتك من نوري وخلقت علياً من نورك، فاطّلعت على سرائر قلبك فلم أجد في قلبك أحب إليك من علي بن أبي طالب، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك.
قال عبد الله بن عمر: سمعت من رسول الله (ص) يُسأل: بأي لهجة (نبرة) ولغة خاطبك ربك ليلة المعراج؟ فقال النبي الأكرم (ص): بلغة علي بن أبي طالب (ع). ثم أُلهمت أن أقول: إلهي! أنت خاطبتني أم علي يتحدث إلي؟ فجاء الخطاب: يا أحمد! أنا لست كالأشياء، لا أقاس بالبشر ولا أوصف بالتشبيهات. خلقتك من نوري، وخلقت علياً من نورك، واطّلعت على أسرار قلبك فلم أجد في قلبك أحب إليك من علي بن أبي طالب، فخاطبتك بلسانه ليطمئن قلبك.
في هذه الرواية، يُتحدث عن محادثة الله مع النبي الأكرم (ص) في ساحة العشق. هذه المحادثة لم تكن معنوية فحسب، بل كانت متمتعة بلغة ولهجة ونبرة أُنشئت بعشق من قبل الله بفاعلية. الفاعل الحقيقي هو الحق تعالى الذي ظهر بهذه الكيفية. المحبة والعشق والوحدة بين ختم النبوة وختم الولاية مع الحق تعالى هي ذروة الارتباط ومركز المحور وثقل النور في هذه الرواية، ووحدة غيورة وقلبية لهذين الحضرتين. هذه الوحدة صُرح بها في آية المباهلة التي ستأتي لاحقاً.

## المشاهدة الثانية
الرواية الثانية ننقلها من كتاب *كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب* لأبي عبد الله محمد بن يوسف الگنجي. وهو من العلماء والمحدثين الكبار في المذهب الشافعي في القرن السابع الهجري، وقد اتسم بالدقة والاحتياط في صحة الروايات. وفي هذا الكتاب، نقلاً عن أنس، ورد:
> عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا أَنَا بِمَلَكٍ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ نُورٍ وَالْمَلَائِكَةُ تُحْدِقُ بِهِ فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ! مَنْ هَذَا الْمَلَكُ؟ قَالَ: ادْنُ مِنْهُ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَخِي وَابْنُ عَمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، سَبَقَنِي عَلِيٌّ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ؟! فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، لَا، وَلَكِنِ الْمَلَائِكَةُ شَكَتْ حُبَّهَا لِعَلِيٍّ فَخَلَقَ اللَّهُ هَذَا الْمَلَكَ مِنْ نُورٍ عَلَى صُورَةِ عَلِيٍّ فَالْمَلَائِكَةُ تَزُورُهُ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ وَيَوْمِ جُمُعَةٍ سَبْعِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ وَيُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَيُقَدِّسُونَهُ وَيَهْدُونَ ثَوَابَهُ لِمُحِبِّ عَلِيٍّ».

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في الليلة التي أُسري بي فيها إلى السماء، مررت فإذا بملَك جالس على منبر من نور، والملائكة تحيط به. فقلت: يا جبرئيل! من هذا الملك؟ قال: اقترب منه وسلم عليه. فاقتربت وسلم عليه، فإذا هو أخي وابن عمي علي بن أبي طالب. فقلت: يا جبرئيل! هل سبقني علي إلى السماء الرابعة؟ فقال لي: لا يا محمد! ولكن الملائكة أبدت شوقها وحبها لعلي، فخلق الله هذا الملك من نور على صورة علي، فتزوره الملائكة في كل ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرة، ويسبحون الله ويقدسونه، ويهدون ثواب ذلك لمحبي علي.

## المشاهدة الثالثة
الرواية المعراجية التالية وردت بأسانيد مختلفة وباختلاف في التعبير. وقد اختيرت من بينها الرواية التالية لما تتمتع به من اتقان وتكامل أكبر:
> وَعَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُوسَوِيُّ فِي دَارِهِ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُؤَدِّبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: يَا عَلِيُّ، إِنَّهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ تَلَقَّتْنِي الْمَلَائِكَةُ بِالْبِشَارَاتِ فِي كُلِّ سَمَاءٍ حَتَّى لَقِيَنِي جَبْرَئِيلُ فِي مَحْفَلٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَوِ اجْتَمَعَتْ أُمَّتُكَ عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ، مَا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ.
> يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ أَشْهَدَكَ مَعِي فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ حَتَّى أَنِسْتُ بِكَ:
> أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ: فَلَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: أَيْنَ أَخُوكَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، خَلَّفْتُهُ وَرَائِي. فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيَأْتِكَ بِهِ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ فَإِذَا مِثَالُكَ مَعِي، وَإِذَا الْمَلَائِكَةُ وُقُوفٌ صُفُوفًا، فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُبَاهِي اللَّهُ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَدَنَوْتُ فَنَطَقْتُ بِمَا كَانَ وَبِمَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
> وَالثَّانِي: حِينَ أُسْرِيَ بِي إِلَى ذِي الْعَرْشِ فَقَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: أَيْنَ أَخُوكَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقُلْتُ: خَلَّفْتُهُ وَرَائِي. قَالَ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيَأْتِكَ بِهِ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ فَإِذَا مِثَالُكَ مَعِي، وَكُشِطَ لِي عَنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ حَتَّى رَأَيْتُ سُكَّانَهَا وَعُمَّارَهَا وَمَوْضِعَ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهَا.
> وَالثَّالِثُ: حَيْثُ بُعِثْتَ لِلْجِنِّ فَقَالَ لِي جَبْرَئِيلُ أَيْنَ أَخُوكَ؟ فَقُلْتُ: خَلَّفْتُهُ وَرَائِي. فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيَأْتِكَ بِهِ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ فَإِذَا أَنْتَ مَعِي، فَمَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا وَلَا رَدُّوا عَلَيَّ شَيْئًا إِلَّا سَمِعْتَهُ وَوَعَيْتَهُ.
> وَالرَّابِعُ: خُصِّصْنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَأَنْتَ مَعِي فِيهَا، وَلَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِنَا.
> وَالْخَامِسُ: نَاجَيْتُ اللَّهَ وَمِثَالُكَ مَعِي، فَسَأَلْتُ فِيكَ خِصَالًا أَجَابَنِي إِلَيْهَا إِلَّا النُّبُوَّةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: خَصَّصْتُهَا بِكَ، وَخَتَمْتُهَا بِكَ.
> وَالسَّادِسُ: لَمَّا طُفْتُ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، كَانَ مِثَالُكَ مَعِي.
> وَالسَّابِعُ: هَلَاكُ الْأَحْزَابِ عَلَى يَدَيْ، وَأَنْتَ مَعِي.

يا علي، إن الله أشهدك معي في سبعة مواطن حتى أنست بك:
الأول: ليلة أسري بي إلى السماء، فقال لي جبرئيل: أين أخوك يا محمد؟ فقلت: خلفته ورائي. قال: ادع الله فليأتك به. فدعوت الله، فإذا مثالك معي، والملائكة واقفون صفوفًا. فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يباهي الله بهم يوم القيامة. فاقتربت وتحدثت عما كان وما سيكون إلى يوم القيامة.
الثاني: حين أسري بي إلى ذي العرش، فقال لي جبرئيل: أين أخوك يا محمد؟ فقلت: خلفته ورائي. قال: ادع الله فليأتك به. فدعوت الله، فإذا مثالك معي، وكُشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها.
الثالث: حيث بعثت للجن، فقال لي جبرئيل: أين أخوك؟ فقلت: خلفته ورائي. قال: ادع الله فليأتك به. فدعوت الله، فإذا أنت معي، فما قلت لهم شيئًا ولا ردوا عليّ شيئًا إلا سمعته ووعيته.
الرابع: خُصصنا بليلة القدر وأنت معي فيها، وليست لأحد غيرنا.
الخامس: ناجيت الله ومثالك معي، فسألت فيك خصالًا أجابني إليها إلا النبوة، فقال: خصصتها بك، وختمتها بك.
السادس: لما طفت بالبيت المعمور، كان مثالك معي.
السابع: هلاك الأحزاب على يدي، وأنت معي.

> يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ أَشْرَفَ عَلَى الدُّنْيَا فَاخْتَارَنِي عَلَى رِجَالِ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّانِيَةَ فَاخْتَارَكَ عَلَى رِجَالِ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّالِثَةَ فَاخْتَارَ فَاطِمَةَ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ اطَّلَعَ الرَّابِعَةَ فَاخْتَارَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَالْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِمَا عَلَى رِجَالِ الْعَالَمِينَ.

يا علي، إن الله أشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين، ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين، ثم اطلع الثالثة فاختار فاطمة على نساء العالمين، ثم اطلع الرابعة فاختار الحسن والحسين والأئمة من ولدهما على رجال العالمين.

> يَا عَلِيُّ، إِنِّي رَأَيْتُ اسْمَكَ مَقْرُونًا بِاسْمِي فِي ثَلَاثَةِ (أَرْبَعَةَ) مَوَاطِنَ، فَأَنِسْتُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ:
> إِنِّي لَمَّا بَلَغْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فِي مَعَارِجِي إِلَى السَّمَاءِ، وَجَدْتُ عَلَى صَخْرَتِهَا: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ وَنَصَرْتُهُ بِهِ». فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَمَنْ وَزِيرِي؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
> فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَجَدْتُ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَنَا وَحْدِي، وَمُحَمَّدٌ صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ وَنَصَرْتُهُ بِهِ». فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، وَمَنْ وَزِيرِي؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
> فَلَمَّا جَاوَزْتُ السِّدْرَةَ وَانْتَهَيْتُ إِلَى عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَجَدْتُ مَكْتُوبًا عَلَى قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ: «أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، مُحَمَّدٌ حَبِيبِي وَصَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي، أَيَّدْتُهُ بِوَزِيرِهِ وَأَخِيهِ وَنَصَرْتُهُ بِهِ».

يا علي، إني رأيت اسمك مقرونًا باسمي في أربعة مواطن، فأنست بالنظر إليه:
الأول: لما بلغت بيت المقدس في معارجي إلى السماء، وجدت على صخرتها: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بوزيره ونصرته به». فقلت: يا جبرئيل، من وزيري؟ قال: علي بن أبي طالب.
الثاني: لما انتهيت إلى سدرة المنتهى، وجدت مكتوبًا عليها: «لا إله إلا الله، أنا وحدي، ومحمد صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره ونصرته به». فقلت: يا جبرئيل، من وزيري؟ قال: علي بن أبي طالب.
الثالث: لما جاوزت السدرة وانتهيت إلى عرش رب العالمين، وجدت مكتوبًا على قائمة من قوائم العرش: «أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، محمد حبيبي وصفوتي من خلقي، أيدته بوزيره وأخيه ونصرته به».

> يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي فِيكَ سَبْعَ خِصَالٍ: أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ الْقَبْرُ عَنْهُ مَعِي، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَقِفُ مَعِي عَلَى الصِّرَاطِ، فَيَقُولُ لِلنَّارِ: خُذِي هَذَا فَهُوَ لَكَ وَذَرِي هَذَا فَلَيْسَ هُوَ لَكَ، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِذَا كُسِيتُ وَيُحَيَّا إِذَا حُيِّيتُ، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَقِفُ مَعِي عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ مَعِي بَابَ الْجَنَّةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَسْكُنُ مَعِي عِلِّيِّينَ، وَأَوَّلُ مَنْ يَشْرَبُ مَعِي مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ الَّذِي ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.

يا علي، إن الله أعطاني فيك سبع خصال: أنت أول من ينشق القبر عنه معي، وأنت أول من يقف معي على الصراط، فيقول للنار: خذي هذا فهو لك وذري هذا فليس لك، وأنت أول من يُكسى إذا كُسيت ويُحيى إذا حُييت، وأنت أول من يقف معي عن يمين العرش، وأول من يقرع معي باب الجنة، وأول من يسكن معي عليين، وأول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.

في روايات أخرى، ذُكرت شجرة طوبى كموطن رابع لاقتران اسم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، وهي لم تُذكر في هذه الرواية.

## المشاهدة الرابعة
الرواية التالية وردت بطرق وأسانيد مختلفة وموثقة في كتب الشيعة والسنة المهمة، مثل كتب الخوارزمي والقندوزي، وهي متاحة للرجوع إليها عبر الشبكة العنكبوتية وبرامج المكتبات الرقمية التي تُعد ذاكرة معلوماتية لكل بحث. وقال الشيخ الحر العاملي: دلالة هذا الحديث الشريف على إثبات إمامة الاثني عشر أوضح وأظهر من جميع الأدلة السابقة التي أوردتها لإثبات الإمامة.
> أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَرْزَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُعَلَّى بْنُ هِلَالٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ: أَعْطَانِي اللَّهُ خَمْسًا، وَأَعْطَى عَلِيًّا خَمْسًا: أَعْطَانِي جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَأَعْطَى عَلِيًّا جَوَامِعَ الْعِلْمِ، وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَهُ وَصِيًّا، وَأَعْطَانِي الْكَوْثَرَ، وَأَعْطَاهُ السَّلْسَبِيلَ، وَأَعْطَانِي الْوَحْيَ، وَأَعْطَاهُ الْإِلْهَامَ، وَأَسْرَى بِي إِلَيْهِ، وَفَتَحَ لَهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَالْحُجُبِ حَتَّى نَظَرَ إِلَيَّ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ. قَالَ: ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ. فَقُلْتُ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ فِدَاكَ أُمِّي وَأَبِي؟

قال ابن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أعطاني الله خمسًا، وأعطى عليًا خمسًا: أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليًا جوامع العلم، وجعلني نبيًا وجعله وصيًا، وأعطاني الكوثر، وأعطاه السلسبيل، وأعطاني الوحي، وأعطاه الإلهام، وأسرى بي إليه، وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي فنظرت إليه. قال: ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله. فقلت له: ما يبكيك فداك أمي وأبي؟

> فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّ أَوَّلَ مَا كَلَّمَنِي بِهِ أَنْ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ انْظُرْ تَحْتَكَ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْحُجُبِ قَدِ انْخَرَقَتْ، وَإِلَى أَبْوَابِ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ، وَنَظَرْتُ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فَكَلَّمَنِي وَكَلَّمْتُهُ، وَكَلَّمَنِي رَبِّي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِمَ كَلَّمَكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي جَعَلْتُ عَلِيًّا وَصِيَّكَ وَوَزِيرَكَ وَخَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ فَأَعْلِمْهُ، فَهَا هُوَ يَسْمَعُ كَلَامَكَ، فَأَعْلَمْتُهُ وَأَنَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي. فَقَالَ لِي: قَدْ قَبِلْتَ وَأَطَعْتَ. فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَفَعَلَتْ، فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ، وَرَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ يَتَبَاشَرُونَ بِهِ، وَمَا مَرَرْتُ بِمَلَائِكَةٍ مِنْ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ إِلَّا هَنَّئُونِي وَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَقَدْ دَخَلَ السُّرُورُ عَلَى جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ بِاسْتِخْلَافِ اللَّهِ لَكَ ابْنَ عَمِّكَ.

فقال: يا ابن عباس، إن أول ما كلمني به أن قال: يا محمد، انظر تحتك. فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد فتحت، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي، فكلمني وكلمته، وكلمني ربي. فقلت: يا رسول الله، بم كلمك ربك؟ قال: قال لي: يا محمد، إني جعلت عليًا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فأعلمه، فها هو يسمع كلامك. فأعلمته وأنا بين يدي ربي. فقال لي: قد قبلت وأطعت. فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه، ففعلت، فرد عليهم السلام، ورأيت الملائكة يتباشرون به، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنئوني وقالوا: يا محمد، والذي بعثك بالحق، لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله لك ابن عمك.

> وَرَأَيْتُ حَمَلَةَ الْعَرْشِ قَدْ نَكَسُوا رُءُوسَهُمْ إِلَى الْأَرْضِ، فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ! لِمَ نَكَسَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ رُءُوسَهُمْ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا مِنْ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا وَقَدْ نَظَرَ إِلَى وَجْهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ اسْتِبْشَارًا بِهِ مَا خَلَا حَمَلَةَ الْعَرْشِ، فَإِنَّهُمْ اسْتَأْذَنُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَأَذِنَ لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ.

ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض، فقلت: يا جبرئيل! لم نكس حملة العرش رؤوسهم؟ فقال: يا محمد، ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارًا به ما خلا حملة العرش، فإنهم استأذنوا الله في هذه الساعة، فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه.

> فَلَمَّا هَبَطْتُ جَعَلْتُ أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَهُوَ يُخْبِرُنِي بِهِ، فَعَلِمْتُ أَنِّي لَمْ أَطَأْ مَوْطِئًا إِلَّا وَقَدْ كُشِفَ لِعَلِيٍّ عَنْهُ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ.

فلما هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به، فعلمت أني لم أطأ موطئًا إلا وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه.

> قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. فَقَالَ: عَلَيْكَ بِمَوَدَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ عَبْدٍ حَسَنَةً حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ تَعَالَى أَعْلَمُ، فَإِنْ جَاءَ بِوَلَايَتِهِ قَبِلَ عَمَلَهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَلَايَتِهِ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ إِلَى النَّارِ.

قال ابن عباس: فقلت: يا رسول الله، أوصني. فقال: عليك بمودة علي بن أبي طالب، والذي بعثني بالحق نبيًا، لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب وهو تعالى أعلم، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان منه، وإن لم يأت بولايته لم يسأله عن شيء، ثم أمر به إلى النار.

> يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا، إِنَّ النَّارَ لَأَشَدُّ غَضَبًا عَلَى مُبْغِضِ عَلِيٍّ مِنْهَا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا. يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَوْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءَ الْمُرْسَلِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى بُغْضِ عَلِيٍّ، وَلَنْ يَفْعَلُوا، لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالنَّارِ.

يا ابن عباس، والذي بعثني بالحق نبيًا، إن النار لأشد غضبًا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدًا. يا ابن عباس، لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغض علي، ولن يفعلوا، لعذبهم الله بالنار.

> قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ يُبْغِضُهُ أَحَدٌ؟ قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، نَعَمْ، يُبْغِضُهُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي، لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبًا. يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ بُغْضِهِمْ تَفْضِيلَهُمْ مَنْ هُوَ دُونَهُ عَلَيْهِ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا، مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنِّي، وَلَا وَصِيًّا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ وَصِيِّي عَلِيٍّ.

قلت: يا رسول الله، وهل يبغضه أحد؟ قال: يا ابن عباس، نعم، يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي، لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيبًا. يا ابن عباس، إن من علامة بغضهم تفضيلهم من هو دونه عليه، والذي بعثني بالحق نبيًا، ما بعث الله نبيًا أكرم عليه مني، ولا وصيًا أكرم عليه من وصيي علي.

> قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمْ أَزَلْ لَهُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَوَصَّانِي بِمَوَدَّتِهِ، وَإِنَّهُ لَأَكْبَرُ عَمَلِي عِنْدِي.

قال ابن عباس: فلم أزل له كما أمرني رسول الله ووصاني بمودته، وإنه لأكبر عملي عندي.

> قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ مَا مَضَى، وَحَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ الْوَفَاةُ حَضَرْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ دَنَا أَجَلُكَ، فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، خَالِفْ مَنْ خَالَفَ عَلِيًّا، وَلَا تَكُونَنَّ لَهُمْ ظَهِيرًا، وَلَا وَلِيًّا.

قال ابن عباس: فلما مضى من الزمان ما مضى، وحضرت رسول الله الوفاة، حضرته، فقلت له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، قد دنا أجلك، فما تأمرني؟ فقال: يا ابن عباس، خالف من خالف عليًا، ولا تكونن لهم ظهيرًا، ولا وليًا.

> قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلِمَ لَا تَأْمُرُ النَّاسَ بِتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ؟ قَالَ: فَبَكَى حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَدْ سَبَقَ فِيهِمْ عِلْمُ رَبِّي، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِمَّنْ خَالَفَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَأَنْكَرَ حَقَّهُ حَتَّى يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ.

قلت: يا رسول الله، فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته؟ قال: فبكى حتى أغمي عليه، ثم قال: يا ابن عباس، قد سبق فيهم علم ربي، والذي بعثني بالحق نبيًا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتى يغير الله ما به من نعمة.

> يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، فَاسْلُكْ طَرِيقَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمِلْ مَعَهُ حَيْثُ مَالَ، وَارْضَ بِهِ إِمَامًا، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَوَالِ مَنْ وَالَاهُ. يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، احْذَرْ أَنْ يَدْخُلَكَ شَكٌّ فِيهِ، فَإِنَّ الشَّكَّ فِي عَلِيٍّ كُفْرٌ بِاللَّهِ.

يا ابن عباس، إذا أردت أن تلقى الله وهو عنك راضٍ، فاسلك طريقة علي بن أبي طالب، ومِل معه حيث مال، وارض به إمامًا، وعاد من عاداه، ووال من والاه. يا ابن عباس، احذر أن يدخلك شك فيه، فإن الشك في علي كفر بالله.

في هذه الرواية، الفراز «إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ بُغْضِهِمْ تَفْضِيلَهُمْ مَنْ هُوَ دُونَهُ عَلَيْهِ» يحمل أهمية خاصة. وهذا ينطبق، بتدقيق مناط، على تفضيل أي إنسان غير إلهي على الإنسان الإلهي. فإن علامة الوقوع في غضب الله أو الكراهية للإنسان الإلهي هي أن يُعتقد في شخص ضعيف بلا مضمون، بسلطة أو شعبوية، أنه في مقام لا يستحقه ولا يملك علمه، في حين أن نرجسية القاضي تصبح حطبًا لنار لا حظ لها من الحقيقة والحجية الإلهية، وهو أيضًا مبتلى بالاستكبار، يستر حقيقته ويظن نفسه في مقام ريادة الناس، متقدمًا على الإنسان الإلهي.

## المشاهدة الخامسة
الرواية التالية تتحدث عن حضور الأنبياء السابقين الذي تحقق بالمعراج:
> أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّبَّاطُ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الْبَغْدَادِيُّ الْجَوْهَرِيُّ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ لَاحِقِ بْنِ سَابِقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ الْقُطَامِيِّ عَنْ تَمِيمِ بْنِ وَهْلَةَ الْمُرِّيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْعَبْدِي…
> فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: يَا جَارُودُ، لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيَّ أَنْ سَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا عَلَى مَا بُعِثُوا؟ فَقُلْتُ لَهُمْ: عَلَى مَا بُعِثْتُمْ؟ فَقَالُوا: عَلَى نُبُوَّتِكَ وَوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَئِمَّةِ مِنْكُمَا.
> ثُمَّ أَوْحَى إِلَيَّ أَنِ الْتَفِتْ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنِ عَلِيٍّ وَعَلِيُّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنُ بْنِ عَلِيٍّ وَالْمَهْدِيُّ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نُورٍ يُصَلُّونَ.
> فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ تَعَالَى: هَؤُلَاءِ الْحُجَجُ لِأَوْلِيَائِي وَهَذَا الْمُنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جارود، ليلة أسري بي إلى السماء، أوحى الله عز وجل إلي أن سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ فقلت لهم: على ما بعثتم؟ فقالوا: على نبوتك وولاية علي بن أبي طالب والأئمة منكما. ثم أوحى إلي أن التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور يصلون. فقال لي الرب تعالى: هؤلاء الحجج لأوليائي وهذا المنتقم من أعدائي.

الضحضاح في هذه الرواية هو فضاء يحتوي على مقدار قليل من الماء، لا يتجاوز فيه الماء إلا إلى بروز القدم أو نصف الساق، ولا يحيط بمن فيه.

آیا این نوشته برایتان مفید بود؟

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

فوتر بهینه‌شده