در حال بارگذاری ...
صادق خادمی
صادق خادمی

عصر الظهور وحضور الولاية

عصر الظهور وحضور الولاية

الظهور هو زمن الحضور والإدراك والعلم والمعرفة والانبساط والمشاهدة والرؤية والمصاحبة مع جميع الظواهر والتآلف المنسجم مع الملائكة الإلهية وعالم الأرواح الجبروتية، وهو زمن العشق والوحدة مع الله تعالى. فلا يبقى فيه غيب ولا غيبة إلا غيب ذات الله تعالى. وفي كتاب “الخرائج والجرائح” ورد: «موسى بن عمر، عن ابن محبوب، عن صالح بن حمزة، عن أبان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العلم سبعة وعشرون حرفًا، فجميع ما أتت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتى اليوم سوى هذين الحرفين، فإذا قام قائمنا أظهر الخمسة والعشرين حرفًا فنشرهما بين الناس وضم إليهما الحرفين حتى يبث سبعة وعشرين حرفًا».

قال الإمام الصادق عليه السلام: العلم سبعة وعشرون حرفًا، وكل ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير هذين الحرفين. فإذا قام قائمنا كشف الخمسة والعشرين حرفًا، فأذاعهما بين الناس، وأضاف إليهما الحرفين حتى ينشر جميع السبعة والعشرين حرفًا من العلم.

الحضور هو زمن الارتباط والتحمل والتكيف والاجتماع، بل الكمال والصدق والعشق والوحدة. وفي رواية: «الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنى الحناط، عن قتيبة الأعشى، عن ابن أبي يعفور، عن مولى لبني شيبان، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وأكمل به أحلامهم».

قال الإمام الباقر عليه السلام: إذا قام قائمنا بسط الله يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وأتم به أحلامهم (حتى صارت قادرة على استيعاب جميع المعارف).

إن احتمال المشقات والآلام والمحن والبلاءات في عصر الغيبة يتحول برحمة حضور الولاية إلى نعمة ولذة. والسمة النوعية المميزة لزمن الحضور أنه عصر الإدراك والعشق والوحدة وإعلان ختم الولاية. وهذا يؤدي إلى وصول الناس إلى ينبوع النور ونور الأنوار والولاية الشاملة المطلقة الإلهية، وإقامة العدل، واستئصال جذور الفساد المنظم، وتطبيق الأحكام الصريحة من اللوح المحفوظ والدين في جوهره، والعقل الصافي، والحكمة القلبية النورانية، وغلبة الكشف الصريح المطابق للواقع، وظهور الله تعالى بكماله بختم الولاية وجميع أسمائه وصفاته. وتُدار شؤون عالم الناسوت والخطط بأكملها بنظام الشهود والحضور المباشر، حيث يهبط الملكوت إلى الناسوت بما يلائمه. وفي كتاب “بصائر الدرجات” ورد: «أحمد بن إبراهيم، عن إسماعيل بن مهزيار، عن عثمان بن جبلة، عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن حديثنا صعب مستصعب، شريف كريم، متوقد ذكي، وعر، لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن. قلت: فمن يحتمله جعلت فداك؟ قال: من شئنا يا أبا الصامت. قال أبو الصامت: فتيقنت أن لله عبادًا هم أفضل من هؤلاء الثلاثة».

قال أبو الصامت: قال الإمام الصادق عليه السلام: إن حديثنا صعب مستصعب، شريف كريم، متأجج ذكي، وعر، لا يطيقه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن. قلت: فمن يطيقه جعلت فداك؟ قال: من شئنا يا أبا الصامت. قال أبو الصامت: فاستيقنت أن لله عبادًا هم أرفع من هذه الطوائف الثلاث.

هذه الرواية تعبر عن الولاية المطلقة الإلهية وختمها، التي تصبح السمة السائدة والبارزة في عصر الظهور. فالصعب هو الجواد الجامح الذي لا يقدر أحد على ترويضه، على نقيض الذلول المطيع. والمستصعب هو ما يفر منه الناس خوفًا من ضرره. وتصوير حديث الولاية بهذا الجواد يعني أن الاقتراب منها وإدراك سيرها الارتقائي يتطلب قدرة عظيمة وجرأة متجاوزة للتعين، وإفناء جميع المقتنيات. والمتوقد هو المتأجج الحيوي، والأجرد هو من لا شعر على جسده، وهو استعارة للنضارة والجمال.

يقول المجلسي في تفسير الرواية التي تصف أحاديث الولاية بالصعب والمستصعب: «لعل المراد الإقرار الكامل الذي ينبع عن معرفة تامة بسمو منزلتهم وعجائب شأنهم، فلا يتنافى عدم إقرار بعض الملائكة والأنبياء بهذا النوع من الإقرار مع عصمتهم وطهارتهم».

وأضاف العلامة الطباطبائي في تعليقه أن جوهر الدين هو كمال التوحيد، وكمال التوحيد هو الولاية، وهي ذات مراتب تشكيكية. وكتب: «بل المراد بالإقرار بلوغ ما عندهم من حقيقة الدين، وهو كمال التوحيد الذي هو الولاية، فإنه أمر ذو مراتب، ولا يبلغ المرتبة الكاملة منها إلا من ذكروه، بل تظهر من بعض الأخبار مرتبة أعلى وأثمن، ولشرح ذلك مقام آخر». أي أن عدم قدرة الملائكة غير المقربين والأنبياء غير المرسلين والمؤمنين غير الممتحنين على الإقرار بالولاية يعني بلوغ الحقائق التي عند أهل البيت عليهم السلام، وهي حقيقة الدين وكمال التوحيد الذي هو الولاية، وهي أمر ذو مراتب تشكيكية. ولا يصل إلى تلك المرتبة الكاملة إلا الثلاثة المذكورون، بل إن بعض الأخبار تكشف عن مرتبة أعلى وأثقل، وهي مرتبة التوحيد الخاص بالنبي صلى الله عليه وآله، وتفصيل ذلك يحتاج إلى مقام آخر.

يرى المجلسي أن الإقرار الكامل هو الإدراك التام لعلو الولاية، وهو أمر صعب مستصعب. ولا يرى تناقضًا بين عدم إقرار الطوائف الثلاث (بل الست: الملائكة المقربون وغير المقربين، والأنبياء المرسلون وغير المرسلين، والمؤمنون الممتحنون وغير الممتحنين) وبين طهارتهم وعصمتهم. أما العلامة الطباطبائي فيرى أن الإقرار هو البلوغ العملي والارتقائي لمحتوى أهل البيت عليهم السلام، أي الوصول الحقيقي والفعلي إلى حقيقة الدين وكمال التوحيد والولاية، وهي ذات مراتب تشكيكية متفاوتة الشدة والضعف. والثلاثة المذكورون يبلغون مراتب عليا من هذا الارتقاء، بل إن بعض الأخبار تكشف عن مرتبة أرفع وأثقل. وفي موضع لاحق، يشير العلامة إلى هذه المرتبة العليا، وهي التوحيد بل الوحدة التي اختص بها النبي صلى الله عليه وآله مع الله تعالى، ولا يشاركه فيها أحد. وقد تحدثنا سابقًا عن ختم النبوة والولاية، وهذه الرواية تفتح لسانها وبيانها في ضوء تلك الشبكة المعنوية. وكتب العلامة: «أن للأمر الذي عندهم مرتبة عليا تفوق فهم هذه الطوائف الثلاث، وهو حقيقة التوحيد الخاصة بالنبي وآله».

وفراز «من شئنا يا أبا الصامت» يُفسر بأن غاية سير المحبين هي الارتباط بالله تعالى بمظهرية تعين الواحدية، لا مرتبة الأحدية الذاتية التي تجمع كل التعينات بانسجام. أما فعلية أهل البيت عليهم السلام وغاية سير المحبوبين الذاتيين فهي تعين الأحدية الذاتية، بل مقام التجاوز للتعين الذاتي. وإسنادهم إلى الله تعالى من ذات الحقيقة. فهم في هذه الحال متفردون ووحيدون، ولا يعرف هذه الحال بعد الله تعالى سواهم، ولا يكشفونها إلا لمن أدرك ضرورة الإنسان الكامل الإلهي، ليكون عونًا لإدراكه وتربيته.

الولاية في ساحة اللاهوت أمر وصولي، متعال عن التجرد، وجودي، متجاوز للتعين، وبعيد جدًا نوريًا عن المعرفة الملوثة بالعقل المفاهيمي الجسداني، وعن الإيمان والإقرار القلبي القائم على المعقول الذهني. فالولاية لا تُدرك بالتفكر أو العلم الذهني وحده، بل يجب وضع الإنسان في نظام تربوي موجه من ولي متمتع بولاية موهوبة، وبالارتباط والأنس والتعلق والطهارة والصفاء والعشق والوحدة، يرتقي عمليًا عبر القلب الباطني، فإن شاء الله تُمنح له الولاية. فالولاية ليست مكتسبة أو مأخوذة أو مفاهيمية، والولي الإلهي يظهر عشقًا ووحدة لهذا الأمر الموهوب في سير ارتقائي صاعد عمودي متجاوز للتعين.

والعلامة يرى الولاية وكمال التوحيد وحقيقة الدين أمرًا تشكيكيًا ذا مراتب، ويعد مرتبة الولاية العليا أرفع من آفاق روح الملك المقرب والنبي المرسل والمؤمن الممتحن، فيرفع مقام الإنسان الإلهي في الولاية إلى مستوى عظيم. وهذا القول يتسق مع التشكيك في العشق والوحدة والكمالات النهائية والختامية. وتتجلى أهمية هذا القول في إمكانية توفيق إدراك أحد أولياء الله في زمن الغيبة، ممن هم من هذه الطوائف الثلاثة أو يتجاوزونها، وهم محبوبون ذاتيًا ومحبوبو الله تعالى. وبالطبع، الولاية أمر جليل، وقد تستغرق قرونًا حتى يربي الله وليًا محبوبًا في أتون عشقه الذاتي وأسمائه وصفاته، ويمنحه حكم النزول إلى الناسوت ليعين الخلق ويشهد لتحريرهم من جور وهيمنة أحد المغضوبين المستبدين في زمن الغيبة، الذين يتناسب تنزل دركهم وعذابهم الأبدي اللا مفر منه مع معارضتهم للولي المحبوب، وقياسًا على جرائم قتل الأبرياء التي اقترفوها.

آیا این نوشته برایتان مفید بود؟

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *