در حال بارگذاری ...
Sadegh Khademi - Optimized Header
Sadegh Khademi

الفصل العاشر: في صحة النوم

الفصل العاشر: في صحة النوم

الحياة الطيبة تتطلب نومًا صحيًا يتسم بالجودة والكفاية، إذ يُعد النوم الجيد ركنًا أساسيًا للصحة البدنية والنفسية والروحية، ودعامةً للأداء المعرفي. يرتبط النوم السليم بتحسين المزاج، وتخفيف التوتر، وزيادة النشاط والحيوية. ويُعد تنظيم النوم بشكل مريح وكافٍ، في أوقاته المناسبة، خالٍ من الاضطرابات، ومتوافق مع الساعة البيولوجية للجسم، من أبرز سبل تعزيز إدراك الحواس، وصقل الذكاء، وضمان سلامة البنية الجسدية، وتنشيط الروح، وإحياء القلب بالمعاني الصحيحة.

النوم خاصية جوهرية من خصائص الحواس؛ ففيه تضعف الحواس الظاهرة للجسم، وتتألق الحواس الباطنة. يمنح النوم الفرد شعورًا بالقوة، والإحساس بالقدرة، والمدد الروحي؛ بل ويضفي عليه بُعدًا وجوديًا قد يبعث فيه السرور أو الكدر. النوم السيئ قد يُفسد الإنسان الصالح، بينما النوم الجيد قد يُصلح الإنسان المنحرف، ويمنحه حالة من البهجة والسعادة. ويرتبط النوم غير الكافي بزيادة القلق، والاكتئاب، والتهيج؛ كما أن التوتر الناتج عن سوء النوم قد يُسهم في الشيخوخة المبكرة.

الأفراد الذين يعانون من اضطرابات النوم يواجهون ضعفًا في الذاكرة، وتراجعًا في الإدراك، وصعوبة في الفهم، وقلة في اليقظة؛ مما يؤدي إلى ضعف قدراتهم على التعليم، واستيعاب المعلومات، واسترجاعها، والبحث في مخزون المعارف. ومن استطاع تنظيم نومه، والنوم في بيئة نظيفة مواتية للنوم العميق، قويت حواسه، وازدادت ذاكرته قوة؛ فأصبحت أدوات اكتساب المعرفة والمعلومات لديه أكثر فعالية.

ينبغي للإنسان أن يدرك الأدوات التي تمكّنه من تحقيق أعلى درجات التقدم والتطور في أقل وقت، وبأقل تكلفة، وبيسر دون مشقة. فالقلب، على سبيل المثال، أداة قادرة على إيصال الإنسان إلى معارف فجائية وحكمة موهوبة. ومن الأدوات المتاحة أيضًا النوم الصحي المنظم، الذي يعزز الحواس والذكاء، ويصقلها. وبتعزيز الحواس، وخفة الروح، وصفاء النفس، يمكن للإنسان أن يصل إلى مستوى من الإدراك يتيح له رؤية ما هو أبعد من المحسوسات؛ بل ورؤية الظواهر المعنوية والمجردة التي تعيش معنا بكثرة وتنوع.

يمكن تعلم مهارة النوم الجيد لتقوية الحواس، وحماية النفس من الأمراض النفسية، لا سيما القلق، والاكتئاب، ومشكلات النسيان، ومرض الزهايمر، والحفاظ على سلامة الأحكام، وإبقاء الجسم في حالة من النضارة والصحة. وترتبط صحة النوم ارتباطًا وثيقًا بتنقية الفكر والعقل، وبالارتباط الصحيح بالله سبحانه وتعالى. فالأفكار الحزينة، والمكدودة، والمليئة بالضغينة، أو السلوكيات الظالمة، أو التصرفات العنيدة، تُسبب اضطرابات النوم. وغالبًا ما ينام الأشخاص الحزينون بوضعية منحنية ومضطربة.

ومن يُغضب ربه بالظلم، يُصاب بحالة تؤدي إلى فقدان الفرص الطيبة، وتجلب له الألم، والحرقة، وقلة النوم. ومن أبرز عوامل تقليل العمر سوء النوم والنوم المتقطع. فالشيخوخة المبكرة، والوفاة المبكرة، من نتائج النوم السيئ والنوم المضطرب. كما أن النوم غير المناسب، وسوء التغذية، يُسببان شيب الشعر قبل أوانه.

النوم والمعرفة

تُظهر الدراسات الأكاديمية وجود علاقة وثيقة بين جودة النوم، التي تُحقق عبر الرعاية الذاتية، وبين الصحة البدنية والنفسية، والنمو العقلي، وتعزيز الوظائف المعرفية، وتنظيم العواطف، والنشاط البدني، والأداء الرياضي، وتوفير الراحة النفسية العميقة، وتجديد حيوية الجسم، وتحسين أداء الجهاز المناعي، وصحة القلب، ونضارة البشرة، وتأخير الشيخوخة، والشعور بالسعادة، والرضا، والمتعة. فالنوم الجيد لا يقتصر على الراحة واستعادة الطاقة فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز الصحة البدنية والنفسية، والنمو العقلي، وتحسين الوظائف المعرفية.

النوم السيئ أو منخفض الجودة، وتفاقم اضطرابات النوم، يؤثر سلبًا على الصحة البدنية، والسلوك، والوظائف المعرفية، ويؤدي إلى صعوبات في التعلم، وتراجع النمو العقلي، وانخفاض الإنتاجية، وزيادة التوتر والقلق. والنوم المضطرب، غير المنتظم، والمتقطع، يُقلل من حدة الإدراك الحسي، ويُضعف الذكاء، ويهدد الصحة النفسية، والأداء الاجتماعي، ويُسبب تراجعًا عامًا في أداء الفرد. ويُعد النوم غير الصحيح أحد جذور النسيان ومرض الزهايمر.

من لا يحظى بنوم جيد، مهما كان عمره، لن يتمتع بحواس وذكاء عالي الجودة. فالأشخاص ذوو الحواس والذكاء القوي ينامون بسهولة وسرعة، ويستيقظون بنشاط؛ بينما يجد الضعفاء في الحواس والذكاء صعوبة في النوم، وعند استيقاظهم يكون جسدهم كالجثة، وحواسهم وذكاؤهم في حالة شبه موت.

النوم غير الكافي يؤثر على المزاج، وقوة التفكير، ويُضعف الذاكرة؛ مما ينعكس سلبًا على الأداء الأكاديمي، ويُسبب العنف، والعدوانية، وقلة الصبر.

النوم والجمال

فالجسم الذي يفتقر إلى نوم صحي وعميق يعجز عن إنتاج هرمونات ترميم البشرة بشكل متوازن؛ مما يؤدي إلى فقدان مرونة البشرة وقوتها، وظهور الشخص بمظهر مرهق. وإذا استمر هذا النقص في النوم بمرور الوقت، يتضرر مظهر البشرة، وتظهر التجاعيد، والترهل، ونقص سماكة الجلد؛ مما يُسبب الشيخوخة المبكرة. والنوم الجيد يرتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة البشرة، وقوتها، ومظهرها الجميل والجذاب.

توفير نوم جيد وكافٍ يعزز الأداء العام، ويمنع الإرهاق العاطفي والبدني، وقلة التركيز، والنعاس غير المناسب، واضطراب العادات العملية، ويرفع من جودة الحياة والنشاط في سائر أوقات اليوم. والنعاس اللاإرادي علامة على المرض وتراكم الفضلات في الجسم. فإذا كان الجسم ممتلئًا بالغبار والبخار الناتج عن الفضلات المتراكمة في الأمعاء، فإن ذلك يؤدي إلى النعاس والخمول. وأفضل وسيلة للتخلص من هذه الفضلات هي الحركة والرياضة.

النوم السيئ يُعطل التمثيل الغذائي وهرمونات الشهية؛ مما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة الوزن والسمنة. كما أن النظام الغذائي يؤثر على النوم؛ فتناول الأطعمة الثقيلة أو المحتوية على الكافيين يُعطل النوم، ونقص العناصر الغذائية يرتبط بالأرق.

الرفاهية العاطفية

النوم الجيد والراحة الكافية يعززان جودة الحياة الممتعة والناجحة، ويسهمان في تحقيق الرفاهية العاطفية والشعورية. الرفاهية هي تجربة الراحة، والصحة، والسعادة، والشعور بالرضا. والرفاهية العاطفية هي الشعور الإيجابي الذي يمكّن الفرد من العمل في المجتمع وتلبية احتياجاته، وتشمل مشاعر إيجابية كالراحة والرضا والفرح والسعادة، مع تجنب المشاعر السلبية كالقلق والاكتئاب والتوتر.

الإرهاق العاطفي أحد الجوانب المهمة للإنهاك الوظيفي، ويؤدي إلى فقدان المشاعر الفردية. ومن علامات الإرهاق العاطفي: اضطرابات النوم، والإرهاق المزمن، وزيادة الحساسية تجاه الضغوط والتوتر.

الرؤى

أهمية النوم، كونه ركنًا أساسيًا لصحة الجسم، لا تقتصر على استعادة الطاقة، بل تمتد إلى الرؤى التي تظهر للجسم أثناء النوم. الرؤيا، في سياق الصحة الروحية، هي إدراك ظواهر أو أحداث معنوية أثناء النوم، أو الاتصال بالغيب، أو ربط الوعي المنفصل بالحقائق المتصلة.

نظام الرعاية الذاتية للجسم، بفضل الصفاء الذي يمكن أن يتمتع به، يمتلك القدرة على رؤية المستقبل في الرؤى. والفرد، الذي يستمتع بصحبة جسده المادي في عالم الدنيا، يسعى عبر نظام الرعاية الذاتية إلى إيصال المخاطر والتهديدات إلى وعيه من خلال الرؤى؛ ليحمي الجسم من الأذى، ويحافظ على متعة الارتباط به. فالجسم، في عالم الدنيا، يعيش وسط منظومة من المعتقدات، والصواب، والأخطاء، والأحزان، والأفراح، والتوترات، وتأنيب الضمير، والضغوط، والإنذارات، واليقظة، والنوم، والرؤى، والمخاوف، والآمال، والآلام، والنضالات، والصمود، والصداقات، والعداوات، والنقاء، والمودة، والحقد، والحسد، والحب، والاهتمامات، والقلق، والنجاحات، والإخفاقات. وفي كل هذه المشاهد، ينبغي للفرد أن يكون بطلًا يسعى إلى الحق.

الدنيا ساحة تُظهر هوية الإنسان الأزلية، وتحدد كماله الأبدي. والدنيا، بما فيها من تقلبات طبيعية كتعاقب الليل والنهار والفصول، وما فيها من أحداث إرادية، هي مهد راحة الإنسان وموطن كماله حتى الموت. وفي خضم هذه الأمواج، يشارك الجسم الإنسان في أحزانه، وآلامه، وأفراحه، وملذاته.

لتكون الرؤيا صادقة، يجب التحكم في ظروف النوم، وتهيئة بيئة النوم، والحد من العوامل المؤثرة في الرؤى. فمثلاً، من يتناول عشاءً ثقيلًا، وينام لساعات طويلة متواصلة، قد يتحول معدته إلى مستنقع، ويصعد بخار الفضلات إلى دماغه؛ فيحلم بأن أحدًا يحاول خنقه، أو يتشاجر معه، أو يؤذي أحد أبنائه.

ومن ينام في مكان يحتوي على حصى، أو أشياء مزعجة، أو حشرات، أو رطوبة، قد يرى رؤى سيئة. فهذه الرؤى تتأثر بالظروف البيئية. ومن يستطيع تقليل هذه العوامل، تصبح رؤاه صادقة وقابلة للتأويل؛ بينما من يتأثر بهذه العوامل، قد تكون رؤاه مجرد انعكاس للاضطرابات، لا تحمل دلالات خارجية تستحق التأويل.

كثير من الرؤى تُنسى إذا كان النوم طويلًا ومتواصلًا. ومن يرغب في حفظ رؤياه واستثمارها، عليه أن يجعل نومه متقطعًا ومتعدد المراحل. وقد ذكرنا أن النوم القصير والمتقطع يزيد من قوة العقل، ويرفع معدل الذكاء.

الرؤى المضطربة، كالتي تتضمن الحبس في دورات المياه، أو السقوط في الوديان، أو الاشتباك في الخصام، تنجم عن الفضلات المتراكمة، أو العادات الذهنية، أو الانشغال بالأحداث البيئية والمحيطة. وبتنظيم هذه العوامل الثلاثة، يمكن الحصول على رؤى طيبة ومبشرة، يمكن تثبيتها في الذاكرة، وتذكرها، واستخدامها.

النوم والرؤى هما انعكاس لأداء الإنسان وحاله في اليقظة. فما يعيشه الإنسان في يقظته يظهر في نومه. فالكاذب تراوده رؤى غير صادقة تضله؛ بينما الصادق ينعم برؤى حقيقية. والمتغذي بالرزق الحلال يحظى بنوم ورؤى متناسقة؛ بينما من يتناول الحرام يعاني من نوم ورؤى تعكس فساد رزقه. والإنسان العادي المشغول بالأكل والنوم والشهوة، أو المصاب بالأمراض، لا يحصل في نومه إلا على ما يشابه هذه الأمور. وبعضهم يرى في رؤياه أشخاصًا كانوا جزءًا من ماضيه أو ارتبطوا به بحدث ما.

وعلى النقيض، نوم الأحباء والمتمتعين بالمواهب الإلهية والإمدادات الربانية، الذي يتم بوعي وإرادة موجهة نحو الله تعالى، وفي أوقات محددة بإرادته، يربط بينهم وبين الإدراك الباطني؛ فتتفتح بصيرتهم من النوم، ويتشكل غدهم بليلهم.

النوم الزائد

تؤثر السن والشيخوخة على كمية النوم الكافي والجيد، لكنها لا تؤثر مباشرة على اضطرابات النوم. فالرضع حتى سنة يحتاجون إلى حوالي 16 ساعة، والأطفال من سنتين إلى 12 سنة يحتاجون إلى حوالي 12 ساعة، والمراهقون إلى حوالي 10 ساعات، والبالغون إلى حوالي 7 إلى 9 ساعات نسبيًا. وهذه الاحتياجات نسبية، فقد تقل أو تزيد حسب طباع الأجسام.

النوم الزائد يزيد من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، والنوبات القلبية. وبعض من يصابون بالسكتات أثناء النوم يكون ذلك بسبب النوم الزائد. والنوم الزائد، والأرق، كلاهما يرتبطان بزيادة مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، ومشكلات الصحة النفسية.

النوم الزائد، مثل كثرة الكلام، والإفراط في الأكل، وتناول المال الحرام، والحسد، والحقد، والانشغال بالتساؤلات مثل “لماذا أنا ولماذا هو”، يُجفف دموع العين، ويُميت القلب بالقسوة.

النوم الزائد، والنوم الطويل خلال النهار، والأرق ليلًا، يؤديان إلى ضعف الدماغ، ووهن الأعصاب، وإهدار العمر. ومن يعاني من النوم الزائد أو اضطراب التنفس، قد يكون مصابًا بخلل في الكبد أو ضعف في الأعصاب.

على من يعاني من النوم الزائد، لضعف إرادته، أن يعالج ذلك بالرياضة والحركة، ويفحص مستويات السكر والدهون في جسمه، ويتجنب تناول اللبن، والخيار، ومنتجات الألبان البقرية، والنعناع، ويحول دون تأثره بالطاقات السلبية.

الأرق

الأرق الشديد مرض واضطراب خطير يُضعف النظام الطبيعي للجسم، وكأن الجسم في حالة موت حدودية لأنه بحاجة ماسة إلى النوم.

لتنظيم النوم والتغذية، ينبغي أن يكون الفرد مفكرًا وواعيًا. فالأشخاص الحزينون، أو المنكوبون، أو المنتظرون لعقوبة، لا ينعمون بالنوم أو التغذية الجيدة؛ لأن الأفكار السلبية تمنعهم من ذلك.

الفقر قد يُسبب اليأس، فيكون محفزًا للنوم تارة، ومسببًا للأرق تارة أخرى إذا اشتد اليأس. والأرق الناتج عن الفقر أشد ضررًا من النوم المفرط؛ لأن النوم يمنح الفقير الراحة والتخفيف؛ بينما الأرق يزيد من معاناته ويُفاقم مضاعفاتها.

الأشخاص الذين يرتكبون الخيانة يعانون من اضطرابات النوم، ويفتقرون إلى النوم المريح واللذيذ، ويصابون بالفزع أثناء النوم. وسبب ذلك تأثير الظواهر المعنوية، كالشياطين، التي تجد في خيانتهم مدخلاً للسيطرة عليهم؛ فتُزعجهم، وتمنعهم من اتخاذ القرارات الصحيحة، وتحرمهم من الرضا والسعادة؛ مما يُسبب لهم الحيرة والإنهاك. واضطراب النوم لدى هؤلاء يُمهد لظهور أمراض عديدة في أجسادهم.

انعدام الشعور بالأمان، والتوتر، والقلق، والخوف، من عوامل الفزع أثناء النوم. كما أن الحزن، أو الفراق، من أسباب اضطراب النوم. وعدم تنوع التغذية، وعدم الاعتدال في الأكل، سواء بالإفراط أو النقصان، وضعف نظام النوم، وعدم انتظامه، كلها عوامل تُسبب اضطرابات النوم. وسوء التغذية وعدم توازنها قد يؤديان إلى الأرق والنعاس.

نقص النوم يرتبط بزيادة الرغبة في تناول الأطعمة الدهنية والسكرية.

علاقة تناول الحرام باضطراب النوم

تناول الحرام، سواء كان مالاً حرامًا، أو ظلمًا في رزق الغير، أو كلامًا محرمًا، أو فكرًا فاسدًا، يُسبب الأرق، واضطراب الرؤى، أو رؤى تتعلق بالفضلات أو دورات المياه، أو تناول أشياء مقززة. ونتيجة هذا التعلق بالحرام تقصر حياة المتناول، وما يجمعه بالحرام لا يكون خيرًا، ولا نعمة، ولا لذيذًا، ولا دائمًا.

من لا يرى رؤى طيبة، أو ملكوتية، أو تحذيرية، أو مُعلمة، لأشهر عدة، فمن المحتمل أنه ملوث بتناول الحرام. فالحرام لا يُفسد النوم الجيد والرؤى المفيدة فحسب، بل يُفسد العبادات كالصلاة والذكر، ويُغلق سبل النمو الروحي، والوصول إلى المعارف الفجائية والغيبية. وعلى النقيض، الرزق الحلال والطيب يجلب النوم الطيب، والصفاء، والحب؛ بل وقد يُحضر الله تعالى في رؤيا الفرد.

للحصول على رؤى طيبة، يجب أن يكون الجسم خاليًا من الحرام والتلوث. فالإمساك وتراكم الفضلات في المعدة يُفسدان الطعام، ويُعطلان عمل الدماغ، بل قد يُوقفانه؛ فيصبح الدماغ تابعًا للمعدة، إذ تُوجّه كل طاقته لخدمتها لتوفير حركتها وقوتها. والمعدة الخفيفة، الشابة، القوية، المغذاة بالمواد الطازجة والسريعة الهضم، والمحمية من الخلايا الميتة، تدعم إنتاج الأفكار الجديدة، والرؤى الطيبة.

التوتر والانفعال

اضطراب التوتر والانفعال بعد الصدمات قد يُسبب اضطرابات النوم مثل الأرق، وينعكس سلبًا في الرؤى. كما أن أصحاب فصيلة الدم O يُعتبرون أكثر عرضة للتوتر.

الإنسان يعيش في قلب أزمة الدنيا، تحت ضغوط متعددة، وسلطات مختلفة، ومع حرمان من معظم الحريات، وهو في طريقه إلى ربه. هذا الواقع يُصغّر الإنسان، ويُحبطه، ويُثير قلقه. والقلق، والاكتئاب، وتقييد الحركة، من أبرز أسباب اضطراب النوم.

التوتر والضغوط الحياتية، والتهيج، والغضب، والاكتئاب، والقلق، والنشاط الزائد، هي مصادر لاضطراب النوم؛ كما أن اضطراب النوم يُسبب هذه الاضطرابات النفسية، ويُفاقم اضطراب ثنائي القطب (الاكتئاب والتوسع). والتوتر المزمن يرتبط بالأرق واضطرابات النوم، ويؤثر سلبًا على الصحة العامة وطول العمر.

يتقاصر عمر الإنسان في ظل التوتر المستمر، وتعدد الضغوط. والتوتر والكثرة التي تُصيب الناس اليوم لا تقل عن الموت التدريجي. فالإنسان، حتى لا يموت أو يُقتل كل يوم، يموت يوميًا تحت وطأة التوتر وتعدد الضغوط.

انتقال التوتر

التوتر حالة قابلة للانتقال، فتوتر شخص واحد قد يؤثر في الآخرين، حتى لو لم يكونوا في بيئة متوترة؛ فيُصيبهم بالقلق ومضاعفات التوتر.

إدارة التوتر

من وسائل إدارة التوتر والضغط النفسي توفير الدعم الاجتماعي للمتضرر؛ مما يمنحه شعورًا بالأمان، والكفاءة، والانفتاح، ويساعده على مواجهة التحديات بكفاءة أعلى. والدعم الاجتماعي علاج فعال يعزز احترام الذات والكرامة، ويُحسن مرونة الفرد في مواجهة التوتر، ويُقلل من الإرهاق العاطفي، ويُحسن التقييم الذاتي، ويُعزز الكفاءة الفردية، ويُحسن أداء الأنشطة اليومية، ويرفع جودة الحياة، ويُحسن الشعور بالحياة.

الأفراد ذوو احترام الذات العالي يشعرون بقيمة ذاتية أعلى في المواقف المتوترة؛ مما يحميهم من التأثيرات المدمرة للتوتر. وإذا لم تُلبَّ حاجة احترام الذات بالدعم الاجتماعي، تظل الحاجات الأوسع، مثل الحاجة إلى التقدم والإدراك، محدودة؛ وتظهر أعراض مثل الاكتئاب، وفقدان الشهية العصبي، والقلق، والعنف، والسلوكيات العدوانية، والانعزال النفسي الاجتماعي.

أثناء التوتر، يستهلك الجسم كميات كبيرة من الزنك، والمغنيسيوم، وفيتامينات ب5، وب1، وب6، وفيتامين ج. هذه الفيتامينات تتدخل في إدارة التوتر. والفيتامينات مركبات عضوية تُمتص من الطعام وأشعة الشمس، ولا يستطيع الجسم إنتاجها غالبًا. ويمكن الحصول عليها من نظام غذائي متنوع ومتوازن يحتوي على كميات وفيرة من الفواكه والخضروات.

الزنك يوجد في العدس، واللوبيا، واللحوم، وصفار البيض، والمكسرات مثل الجوز والفستق، وبذور القرع، والحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان مثل اللبن. ونقص الزنك يُضعف الجهاز المناعي، ويُسبب الإصابة المتكررة بالأمراض الفيروسية والمعدية كالزكام والإنفلونزا، وفقدان الشهية، وفقر الدم، وفقدان الوزن، والإسهال، وبطء التئام الجروح.

المغنيسيوم يساعد في تنظيم سكر الدم، وتخفيف التوتر، وفقدان الوزن، وصحة العظام، وتحسين النوم. ونقصه قد يُسبب هشاشة العظام، وتساقط الشعر، وجفاف البشرة، والقلق، والاكتئاب، والأرق، وصعوبة التركيز. ومصادره تشمل الموز، والسبانخ، واللوبيا، وبذور القرع، والحليب، والتين المجفف، والبطاطس بقشرها، وبذور عباد الشمس، والسمسم. والإفراط في تناوله قد يُسبب الإسهال والقيء.

فيتامين ب5 (حمض البانتوثنيك) ضروري لإنتاج الطاقة والهرمونات، ويوجد في اللحوم، والحليب، والبيض، والطماطم، والخضروات الورقية. وفيتامين ب6 (البيريدوكسال) يساعد في تكوين خلايا الدم الحمراء، ونقصه يُسبب فقر الدم، ويوجد في الموز والمكسرات. ويُحذر من تناول الموز على معدة خالية لأنه يُثقلها. وفيتامين ج مفيد لشفاء الجروح، وتكوين العظام، وامتصاص الحديد، ونقصه يُسبب اضطرابات عصبية، ويوجد في الدجاج، والبيض، والأسماك، ومنتجات الألبان، والحبوب.

لا يُنصح بتناول لحوم الأسماك غير الطازجة. والسمك الطازج هو الذي يرتد جلده للأعلى عند الضغط عليه بالإصبع. ويُفضل تحضيره بالثوم واللبن للتخلص من رائحته المزعجة. والأشخاص الذين يعانون من نسبة عالية من موت خلايا الجلد، تكون بشرتهم مثل جلد السمك الميت، لا ترتد عند الضغط عليها. والسمك، بطبيعته المائية والملحية، مادة قابلة للذوبان، ولا تملك القيمة الغذائية العالية لتحل محل اللحوم الحمراء للأصحاء.

التوتر الإيجابي

للتوتر جانب إيجابي. فالألم والضغط الناتجين عن الامتحان للطالب المجتهد يعززان تركيزه ويزيدان من قوته وقدرته؛ مما يؤدي إلى أداء أفضل في الامتحان.

ويمكن، من خلال إحداث توترات مدارة ومواقف مخيفة تُثير الاضطراب، استعادة ذاكرة بعض المصابين بالنسيان، أو علاج مشكلة نفسية لديهم.

المهن المرهقة

تُظهر الأبحاث أن العمل في المناوبات الليلية يُقلل من جودة النوم لدى العاملين ليلاً، ويُسبب اضطرابات في نومهم؛ مما يؤثر على جودة أدائهم الوظيفي، ويُصيبهم بالإنهاك الوظيفي.

بعض المهن تُؤذي الحواس والذكاء. فالعمل في أعماق الأرض، أو في المناوبات الليلية، يُسبب اختلالاً في الإيقاع اليومي، وعدم انسجام الساعة البيولوجية مع دورة النوم واليقظة الطبيعية؛ مما يؤدي إلى ض

عف العقل والنسيان.

المناوبات العملية تؤثر على الإيقاع اليومي للنوم واليقظة، المعروف بالساعة البيولوجية. والأشخاص الذين يعملون في مناوبات ليلية طويلة، أو يتبعون جداول عمل غير منتظمة، يعانون من اضطرابات النوم بشكل أكبر.

الإنهاك الوظيفي والأرق يرتبطان ارتباطًا تبادليًا ويؤثران في بعضهما بمرور الوقت. والإنهاك الوظيفي يُسبب أعراضًا نفسية-جسدية، ومشكلات عاطفية، ونفسية، وسلوكية. والأرق أكثر شيوعًا بين المصابين بالإنهاك الوظيفي. والإنهاك البدني والنفسي من الأعراض الرئيسية للإنهاك الوظيفي.

العمل في المناجم، الذي يتم في أعماق الأرض، ويتأثر بالتربة وعواملها، وخاصة التعامل مع المتفجرات، يزيد من مستويات القلق. فإذا أُدخل حيوان أليف إلى أعماق الأرض لفترة، يصبح مضطربًا وعصبيًا ووحشيًا. وكذلك العمل في المناوبات الليلية يُضعف الحواس والذكاء لمن يفتقرون إلى النوم الليلي.

الفراغ واضطرابات النوم

إن البطالة تؤثر سلبًا على الشباب والمسنين على حد سواء. فالشاب إذا بقي عاطلاً عن العمل، يميل إلى الانغماس في الملذات العابرة أو التجوال بلا هدف، لا سيما إذا توفرت له وسيلة نقل. أما المسن، فإذا افتقر إلى الانشغال، يصاب باضطرابات النوم، وقد يجد نفسه في صراع داخلي مع قيمه الروحية، حتى وإن بدا منهمكًا في العبادات الظاهرة كالتسبيح والذكر. إذ إن الخيال الباطل والوساوس تشتد وتصبح أكثر تأثيرًا في مرحلة الشيخوخة، مما يدفع النفس نحو الانحرافات الفكرية والسلوكية، كما يُشير إليه قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ﴾ [سورة الحج، الآية ١١].

ولا يستطيع المسن المتأثر بالوساوس أن يكون إنسانًا متواضعًا ينسجم مع المجتمع، إذ إن الانسجام الاجتماعي يعني العيش بين الناس بتواضع وسلام داخلي، من دون تكبر أو تجسس أو سلوكيات متطرفة تشير إلى اختلال التوازن النفسي. فالشخصية المتوازنة تتسم بالاعتدال والتفاعل البناء مع الآخرين، بعيدًا عن الانعزالية أو التشكك المرضي، مما يساهم في استقرار النوم والصحة النفسية.

النوم والتغذية

كما أن النوم بعد الإفراط في الطعام يؤثر سلبًا على جودة الراحة، فإن النوم مع الجوع الشديد لا يقل ضررًا؛ إذ يؤدي إلى أحلام مضطربة ونوم متقطع. واستمرار رؤية الأحلام المضطربة أو تكرار رؤيا مزعجة لمدة طويلة قد يشير إلى وجود خلل صحي يستدعي العلاج. والشخص الذي يقضي ليله في التجوال أو إضاعة الوقت في المحادثات العابرة أو تصفح الفضاء الافتراضي أو مشاهدة الأفلام، يعاني من أسوأ أنواع النوم، حيث تكون أحلامه مجرد انعكاس لحالته النفسية المضطربة، لا تعكس بالضرورة واقعًا خارجيًا.

علاج اضطرابات النوم

إن التغذية بالطعام الحلال تُعدّ من الوسائل الفعّالة لتحقيق نوم هانئ. فالطعام الحلال، إلى جانب تعزيزه للصحة الجسدية والروحية، يمنح النفس سكينةً تساعد على النوم العميق. وللأشخاص الذين يعانون من الأرق، يُنصح بتناول مزيج من اللبن مع الخيار المبشور قبل الخلود إلى النوم، بما يتناسب مع قدرة المعدة، لتهيئة الجسم للراحة. كما يُوصى بالحد من تناول الزعفران، الثوم، والتمر إلى الحد الأدنى الضروري.

تناول الجوز الطازج يُعزز الاسترخاء ويُسهم في النوم العميق. كذلك، فإن المداعبة والعناية العاطفية تُساعد على تهدئة الجسم، مما يؤدي إلى استرخاء تدريجي يُمهد للنوم. وقد يُصاحب ذلك ضيق في المسالك التنفسية، مما يتسبب أحيانًا في الشخير. أما الأشخاص الذين يعانون من النوم المفرط، فيمكنهم تناول ملعقة من مزيج العسل والسمسم يوميًا لتقليل مدة النوم.

استخدام ماء الورد عالي الجودة، ذي المذاق الخفيف المر، في الطهي أو مع الماء أو الشاي، يُساعد على تقليل الخمول والنعاس. ومن الجدير بالذكر أن بعض الموسيقى الهادئة، كتلك التي تتسم بالرقة واللطف، تُعزز الاسترخاء وتُسهم في تهيئة النفس للنوم.

فيما يتعلق باستخدام الأفيون، يجب التنبيه إلى أن هذه المادة تُستخدم في بعض الأدوية الطبية لعلاج اضطرابات النوم بجرعات دقيقة تحت إشراف طبي متخصص، نظرًا لتأثيرها المركزي على الجهاز العصبي. ومع ذلك، فإن استخدامها يحمل مخاطر صحية جسيمة، بما في ذلك الإدمان، الاضطرابات التنفسية، والتأثيرات النفسية السلبية، فضلاً عن القيود القانونية المفروضة على تداولها. لذا، يُحذر بشدة من استخدامها خارج السياق الطبي المرخص، ويُوصى دائمًا باللجوء إلى بدائل آمنة وطبيعية لتحسين جودة النوم.

مفهوم نظافة النوم

تُشكل نظافة النوم الركيزة الأساسية لعلاج اضطرابات النوم. وهي مجموعة من العادات والسلوكيات التي تُحسن جودة النوم ومدته، وتدعم الإيقاع الطبيعي للنوم واليقظة، مما يُعزز القدرة على الخلود إلى النوم والاستمرار فيه براحة. تُصنف نظافة النوم إلى خمسة مجالات: سلوكية، معرفية، بيئية، أنماط النوم، واستخدام المواد. ومن أبرز هذه السلوكيات: الالتزام بجدول نوم منتظم، تهيئة بيئة نوم مريحة من حيث الإضاءة (بين ١٨-٢٠ درجة مئوية)، الهدوء، ودرجة الحرارة، تجنب الأطعمة الدسمة أو المحتوية على الكافيين ليلاً، ممارسة النشاط البدني بانتظام، والحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل.

كما يُنصح بممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل قراءة كتاب أو ممارسة التنفس العميق، الذي يتضمن استنشاق الهواء من الأنف لمدة عشر ثوانٍ، حبس النفس لعشر ثوانٍ، ثم الزفير من الفم لعشر ثوانٍ. هذه التقنية تُهيئ الحالة النفسية للنوم الهانئ. ويُضاف إلى ذلك أهمية الحفاظ على نظافة بيئة النوم، إذ إن البيئة الملوثة، أو عدم الاعتناء بنظافة الأسنان أو الملابس، قد يُقلل من الراحة النفسية ويؤثر سلبًا على النوم. كذلك، فإن تناول دمج البابونج، الذي يحتوي على مادة الأبيجينين، يُسهم في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل القلق، مما يعزز جودة النوم.

الرياضة والصحة النفسية

الرياضة تُعدّ أداةً أساسية للحفاظ على صحة الخلايا الدماغية وتعزيز الوظائف المعرفية. فالنشاط البدني المنتظم يُحسن جودة النوم، لكن الرياضة الشاقة قبيل النوم أو في الصباح الباكر قد تُسبب اضطرابات في النوم؛ إذ إن الجسم في هذه الأوقات لم يستعد بعد للجهد البدني الشديد. أما الرياضة في منتصف النهار أو العصر فتُعتبر الوقت الأمثل لتحقيق الفائدة دون إرهاق الجسم.

الرياضة المفرطة أو الاحترافية قد تؤدي إلى تدهور القدرات العقلية مع الوقت، وقد تُسبب اضطرابات نفسية كالقلق أو التوتر. لذا، يُوصى بالاعتدال في ممارسة الرياضة لدعم الصحة الشاملة دون التأثير سلبًا على التوازن النفسي. ويُحذر من اتخاذ قرارات عاطفية متسرعة، إذ تؤدي إلى التفكير السطحي والمظهرية، وهي من أخطر العوامل التي تُضعف الوعي وتُعيق التطور الشخصي.

أفضل أوقات النوم

النوم الجيد يتطلب تهيئةً دقيقةً تشمل المكان، الوقت، الإضاءة، ودرجة الحرارة. أفضل أوقات النوم هي بين العاشرة مساءً والثانية فجرًا، كما أوصت التعاليم الشرعية، إذ يُحقق هذا التوقيت التوازن بين راحة الجسم واستقرار العقل. النوم خارج هذه الساعات قد يُضعف الذاكرة ويُسبب تشويشًا ذهنيًا. كما أن قيلولة قصيرة نهارًا، لا تتجاوز ساعة، تُعزز النشاط دون إخلال بالنوم الليلي.

يُفضل أن تكون القيلولة قبل تناول وجبة الغداء إذا كانت الوجبة دسمة، أما إذا كانت خفيفة، فلا بأس بالنوم بعدها. ويُحذر من ممارسة الرياضة أو النوم مباشرة بعد الطعام لتجنب الإضرار بالجسم. وتجدر الإشارة إلى أن احتياجات النوم تختلف من شخص لآخر؛ فبعض الأفراد يحتاجون إلى النوم مبكرًا، بينما يستفيد آخرون من النوم الصباحي. لذا، يجب على كل فرد تهيئة إيقاع نومه وفقًا لطباع جسمه لتحقيق أقصى درجات النشاط والإنتاجية.

بيئة النوم

للحصول على نوم مريح، يجب الاهتمام ببيئة النوم من حيث التهوية، الإضاءة، والراحة. فالنوم في مكان مغلق يُسبب التوتر ويؤدي إلى أحلام مضطربة، بينما النوم في مكان مفتوح يُعزز الاسترخاء ويُحسن جودة النوم. ويُوصى باستخدام أغطية ثقيلة ومريحة، مع ضبط الوسادة لتتناسب مع بنية الجسم، لتجنب آلام المفاصل أو اضطرابات النوم الناتجة عن وسائد أو فرش غير مناسبة.

الإضاءة الطبيعية، كضوء القمر، تُفضل على الإضاءة الصناعية التي قد تُرهق الأعصاب. والنوم في ظلام دامس قد يُسبب أحلامًا مزعجة، لذا يُنصح بالسماح بدخول ضوء خافت إلى غرفة النوم. كما أن التهوية الجيدة تُعدّ ضرورية؛ إذ إن استنشاق الهواء الراكد في مكان مغلق قد يُسبب الكوابيس أو الشعور بالاختناق، بينما يُسهم الهواء النقي في تعزيز الراحة النفسية والجسدية.

الطهارة والنقاء الروحي

الطهارة قبل النوم، كالوضوء، تُعزز الاستعداد الروحي والنفسي للنوم الهانئ، إذ تُقلل من تأثير الأفكار السلبية وتُعزز الاتصال بالمعاني الروحية. فالشخص الذي ينام دون طهارة قد يُعاني من أحلام مضطربة وشعور بالقلق خلال النهار. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ [سورة الأعراف، الآية ٢٠١].

كما أن الحفاظ على نظافة العينين من النظر إلى ما يُفسد الباطن يُساهم في استقرار النفس. فالنظر إلى الأشخاص ذوي السلوكيات السلبية قد يُنقل طاقةً سلبيةً تظهر في الأحلام، لذا يُوصى بترديد ذكر “سبحان الله” لتنقية النفس من هذه التأثيرات. وفي حال ظهور علامات الاضطراب أثناء النوم، كالصراخ أو التعرق الشديد، يجب إيقاظ الشخص فورًا لتجنب تفاقم التوتر النفسي أو الإصابة باضطرابات مثل الخوف المرضي.

التواصل الروحي والنفسي

إن كل ظاهرة في الوجود لها باطن يُسمى “القلب”، وهذا القلب إما أن يتجانس مع غيره أو يتنافر. فالتجانس بين القلوب يُولد انسجامًا وتفاعلاً إيجابيًا، كما بين الشجاع والشجاع، أو العالم والعالم، بينما التنافر يُؤدي إلى الصراع والتوتر. وهذا التجانس هو أساس التعاون البناء في العلاقات الاجتماعية والزوجية، حيث لا يمكن لقلبين متنافرين أن يتعايشا بانسجام، حتى وإن كانا يتمتعان بالصلاح.

القلوب المتجانسة تُنتج طاقة إيجابية تُعزز الاستقرار النفسي وتُسهم في تحسين جودة النوم. فالأفكار النقية تجذب الخير، بينما الأفكار السلبية تُقرب النفس من مصادر القلق والاضطراب. لذا، يُوصى بالتحكم في المدخلات العقلية والعاطفية، والحفاظ على نقاء القلب من خلال الأذكار والتفكر في المعاني الروحية، لتعزيز التوازن النفسي والروحي.

تطهير النفس من الضغائن

إن الأفكار السلبية والضغائن، إذا ما استمرت في التفاعل داخل العقل والقلب لمدة طويلة، فإنها تؤثر سلباً على الإرادة، فتُضعف قدرة الفرد على أداء الأعمال الإيجابية وتُفقده الدافعية لها. التفكير المستمر في مشكلات الحياة والأحداث السلبية، إذا لم يُوضع جانباً بنهاية كل يوم وقبل النوم، وإذا لم يُطهَّر من صفحات العقل والقلب، فإنه يستنزف طاقة الفرد، ويجعله وعاءً للأمور السلبية، فيصبح أقرب إلى الأشرار والشرور ويميل إليها. ومن جهة أخرى، فإن الأشياء المتشابهة تجذب بعضها بعضاً، فالتمسك بالشر يزيد من احتمال وقوع الأحداث السلبية.

ومما يتوافر بكثرة وله قدرة تدميرية هائلة: التنافر، وأسوأ منه العداوة والحقد على الآخرين، وأشد من ذلك الإصرار على الانتقام. فمن يحمل في قلبه ضغينة ضد الآخرين، ويحافظ على الشر في نفسه، ويكرره باستمرار دون أن يتمكن من نسيانه، فإنه يزيد من تلوث نفسه، ويصبح كالبئر التي تحتفظ بالنجاسة، فيجذب إليه الشر والفساد. لذا يجب أن يُطهِّر المرء نفسه ليلاً من كل أذى وتفكير سلبي ونوايا سيئة، وأن يكون راضياً ومسروراً بخلق الله وبمشيئة الله تعالى، خفيف النفس مطمئن القلب.

ولا ينبغي أن يُحرّم المرء النوم على نفسه، بل عليه أن يتأمل أن الصباح قد لا يكون له نصيب فيه، وقد يكون الغد موعداً للموت المفاجئ.

إرادية النوم

يجب أن يكون للنوم برنامج ثابت يتسم بالإرادة والتحكم الذاتي. فالنوم المنتظم والإرادي يحسن إيقاع النوم ويزيد من الإنتاجية. إن برنامج النوم المنتظم ينظم الإيقاع اليومي (السيركادياني) ويحسن جودة النوم والإنتاجية اليومية. والأفراد الذين يتمتعون بذكاء وانتباه وإرادة قوية يستطيعون النوم بسهولة وسرعة. فالإرادة القوية تمكّن الفرد من التحكم في نومه وجعله إرادياً. يمكن جعل النوم المنتظم والمثالي إرادياً، بحيث ينام الفرد ويستيقظ بإرادته. بل إن الفرد القوي الإرادة يمكنه أن يختار الموت الإرادي لمدة ربع ساعة أو نصف ساعة، وهو موت لا يتطلب غسل الميت، لأنه خالٍ من ضغوط الاحتضار، وبهذا يمكن للمرء أن يموت مسلماً.

الفرد العادي يكتسب معارفه من خلال الذاكرة، وتستند إدراكاته إلى قوة الذاكرة والحواس الظاهرة والباطنة كالوهم والخيال والعقل الجسدي. أما الأفراد ذوو الإرادة القوية الذين يعيشون بإرادة، فيتمتعون بمعارف متنوعة تأتيهم بطرق مختلفة، كالمعارف الواردة أو الهجومية أو النازلة أو الصاعدة. وأدنى مراتب هذه المعارف هي الرؤى التي تنقل الفرد من الظاهر إلى الباطن، وتحمل تأويلاً روحياً ومعارف حقيقية ربانية، تستند إلى جهاز الإدراك القلبي وليس إلى الخيال الذهني.

شروط النوم

إذا قلنا إنه يمكن النوم لخمس دقائق والشعور بالشبع من النوم دون إرهاق، فهذا مشروط بمراعاة شروطه. ففي دقيقة واحدة يمكن للمرء أن يحظى بنوم جيد ويرى رؤى مُعطية للمعرفة. والنوم القصير قد يحمل رؤى طويلة. والنوم الجيد له عوامل وراثية أيضاً. النوم الصحي والجيد هو الذي يتحقق وفقاً لاحتياجات العمر وطباع الجسم، من حيث الكم والكيف، بحيث ينام الفرد مدة كافية لا تتجاوز ساعتين متواصلتين دون انقطاع، ويكون نومه ضمن برنامج ثابت ومنتظم، ويتمكن من النوم بسهولة، وعند الاستيقاظ يشعر بالنشاط والحيوية والانتعاش، مما يحسن أداءه اليومي في الجوانب المعرفية والعاطفية والجسدية، ويبقيه متيقظاً ومركزاً ونشطاً.

أما من يجد صعوبة في النوم، وينام بشق الأنفس وبعناء، فإنه يعاني من التهاب نفسي، ويصبح عرضة للشيخوخة المبكرة وقصر العمر. مثل هذا الشخص إما أن ينسى رؤاه أو يرى رؤى مضطربة وغير مترابطة، كأن ينتقل في رؤياه من ذكريات الطفولة في بيت جدته إلى أحداث يومه. ومن يرغب في عمر طويل، فعليه أن ينظم نومه ويجعله صحياً، بحيث ينام بسرعة وسهولة. فمن خلال صفاء الباطن والرؤى المنتظمة والواضحة، يمكن للفرد أن يكتشف طبقاته الباطنية ويتنبأ بأحداث يومه، فيتجنب المفاجآت.

النوم أسهل بكثير من الاستيقاظ، ومن يجد صعوبة في النوم يعاني أكثر عند الاستيقاظ، وقد لا يستيقظ دون تأثير خارجي.

النوم الطويل المتواصل

النوم من دعائم صحة الجسم، لكنه يجب أن يكون قليلاً وفي فترات متعددة، كالطعام الذي إذا تناوله المرء في وجبات متفرقة لا يسبب زيادة الوزن. أسوأ أنواع النوم هو النوم الطويل المتواصل، الذي يقلل من الحواس والذكاء، ويضعف الجسم والذاكرة، ويقصر العمر، ويثير اشمئزاز الآخرين من النائم الكثير. حتى أهل الدنيا يشعرون بالنفور من غيرهم ممن ليسوا من أهل الدنيا. وكما في قصة أصحاب الكهف، الذين بسبب نومهم الطويل انخفضت جودة حياتهم، فلم يعيشوا بعد استيقاظهم إلا قليلاً.

من ينام ثماني ساعات متواصلة أو أكثر دون انقطاع، يفقد تدريجياً الكثير مما تعلمه بشق الأنفس. فالنوم المتواصل لأكثر من ساعتين ليس نوماً صحياً. قد ينام شخص خمس دقائق فيشعر بالخفة، بينما ينام آخر ست ساعات وما زال يشعر بالنعاس، بل إنه قد يُدخل إلى جسده ما يشبه الموت الحدي، وهو ضار جداً بالقدرات العقلية والحواس.

كثرة النوم (النوم المفرط وغير المناسب) والنوم الطويل المتواصل مضران، كالتشويش الذي يفسد أجزاء متفرقة من صورة، أو كجدار يفقد لبنة من مكان وأخرى من مكان آخر، وهذا أسوأ من هدم جزء متصل من الجدار. فإذا فقد الجدار لبناته بشكل متفرق، لم يعد جداراً. والنوم الطويل أكثر ضرراً على القدرات العقلية من كثرة النوم. كما أن النوم الطويل أثناء النهار مضر جداً بالقدرات العقلية.

الاستيقاظ من النوم

عند الاستيقاظ، لا ينبغي للمرء أن يغادر فراشه فوراً، بل عليه أن يجلس لبضع دقائق، ويتنفس بعمق ليتم تنشيط خلايا الدماغ تدريجياً، دون تعريضها للتوتر أو الضغط. فمن ينهض فور استيقاظه، قد تتعطل خلايا دماغه غير المستيقظة بالكامل، فيفقد رؤاه أو المعارف التي تلقاها في نومه، أو يصاب بضعف الذاكرة. ومن لا يراعي هذا الأمر قد يفقد التوازن في سن الشيخوخة، فلا يستطيع الوقوف ويسقط.

الاستيقاظ التدريجي بلطف يزيد من الطاقة الصباحية ويحسن المزاج. وبعد استعادة الجسم لنشاطه، يُستحسن أن يبدأ المرء بتحية الله تعالى قائلاً: “يا الله سلام”، وهذا يعني أن الحب كله لله، وحياة الله تعالى. يجب ألا يطلب المرء سوى الله، ولا يسلك إلا سبيله، ولا يجد إلا الله، وأن يكون متفرداً في التفكير الحقاني، مدركاً أن كل شيء لله تعالى، فهو السبب والميراث، وما شأن العبد بغيره.

ثم ينبغي التفكير في النوم السابق، هل كان فيه رؤيا أم لا؟ ففي النوم يمكن إقامة صلة مع الأرواح والعوامل المعنوية، بل مع أولياء الله وحتى مع الله تعالى، ليكون المرء في نفَسٍ مع الله، فيستفيد من هذه الصلة. وهذه الصلة قد تؤثر على المدى الطويل حتى على جودة الإنجاب. ومن يحافظ على نظافة النوم ونظامه، يمكنه أن يتنبأ بالأحداث المتعلقة بحياته في رؤاه. ومن ينهض فوراً من فراشه عند الاستيقاظ، يفقد محتوى رؤاه، مع أن بعض الرؤى تحمل معارف لا تُكتسب بالتعليم اليومي أو الدراسة الأكاديمية.

شرب الماء بعد الاستيقاظ يساعد على تحسين المزاج.

التعبير عن الحب لله تعالى

بعد كل نوم، فإن التودد إلى الله تعالى، والإشادة به، والافتداء به، والإعجاب به بلغة الفرد الخاصة، يجعل حب الله والتوجه إليه مورداً للإنسان. إذا استيقظ العقل والقلب في أول الصباح مدركين أن لهم إلهاً، وتلقّنا قائلين: “إلهي، قربانك أذهب، كم أحبك، كم أنت رائع، وأنا المخلوق والمظهر لك كم أنا رائع”، فإن العقل والقلب يكتسيان بالصفاء. وهذا الحب والمناجاة يطهّران الضغائن والعقد والحقد وكل تلوث نفسي. فالفرد يدرك منذ الاستيقاظ أن له إلهاً يقف معه بوفاء، فلا يخاف أحداً ويتبع التوحيد.

الجسم والنفس يكتسيان بالصفاء من هذا الحب. وصفاء هذا الحب يطهر الجسم والنفس من الضغائن والحقد والعقد. فبالتعبير عن الحب لله تعالى، يجدد الإنسان عهده مع الله، الذي هو ملجأ وفيّ في كل مكان، ويمنحه قوة تجعله بلا خوف أو وجل. ففي الوصول المذهل إلى التوحيد، وهو أمر في حركة وتدفق دائم، لا يجد الإنسان غير الله. فالله مع عباده في كل مكان، بحيث يصبح كل عبد على الأرض مظهراً لله في كل لحظة، بنَفَسٍ جديد، فيختبر قوة الإلهية في نفسه، أي يختبر حقانية الله وقوته وعنايته. نحن مظهر إلهي بقوة الإلهية من خلال نفي الطمع ونفي التعيّن. ولا يستطيع أحد أن يقتحم حرم ظهور الله إلا الله نفسه، الذي له ولاية على القلب، ويستطيع أن يجعل القلب خالياً من الطمع. والقلب الخالي من الطمع يصل إلى ذات الله تعالى. لذا لا ينبغي الخوف من ظهور الظلم، فكل خير من الله، وإن جاء شر فهو بإذن الله، خاصة أن الله يظهر في كل قلب بلا وساطة، فلا مكان للواسطة في الحب مع الظهور.

نفي الطمع لا يعني نفي الطلب، بل يعني الاستهلاك الأحادي غير المنضبط للطاقات والجهود، والتوقع غير المتوازن. فالإنسان لا يصل إلى الله إلا إذا تخلى عن ممتلكاته وممتلكات الآخرين، بل عن كل خيرات الله، وألقى بكل شيء. وللوصول، يجب اتباع الجذبات والميول الفطرية وإشارات القرب البيئي والموجات المحيطة والمحتوى الداخلي، لا السعي وراء المكتسبات الدراسية أو الجهود المفروضة.

بعض الناس ليسوا بعيدين عن الله والإلهية. فالله مع كل مظهر في زفاف الحب، ويكفي أن ينضم العبد إلى هذا الحب لينفصل عن الحرمان. أقول: أنا عاشق لكل العالم، لأن العالم كله هو، لا منه. ليس من الضروري أن يطارد المرء الله ليصل إليه، فالله في وجه كل مظهر، بحيث يكون طواف كل مظهر طوافاً له. هناك مسافة مجهولة بين العبد والله، ليبقى العبد في خمار الإلهية. وللوصول إلى الله، يلزم قوة الصفاء والصدق والصبر. يجب أولاً حل مشكلات العالم المادي، والتخلص من الفقر والمرض والاضطراب والكثرة، ليتم الوصول الكامل إلى الله تعالى. الفقر سبب لبعض الأمراض البسيطة والظاهرة، كما أن الظلم، خاصة إنكار الله تعالى والافتراء عليه، سبب لبعض الأمراض الصعبة والخفية كالسرطان أو النرجسية والتكبر وتحقير الآخرين.

يمكن للعبد، إلى جانب الوصول، أن يستمتع بحق الله من خلال الإيمان بقانون الاستيفاء الإلهي، فيتحرر من الأحزان والضغوط والقلق والخداع بالإيمان بإله حلو وكريم. يجب تكرار: “الله حلو” حتى يصبح ذلك ملكة في النفس، وتصل الروح إلى أنس مع الله العاشق الكريم، الذي لا يمكن أن يُخاف منه، بل هو جذاب ومهيب.

إذا كرر المرء شيئاً بانتظام، حتى لو كان كذباً، فإنه يأخذ شكلاً تكوينياً ويصبح حقيقة. والتلقين له تأثير كبير على النفس، فشخصية الإنسان تصبح ما يُلقن إليه. ما يدخل إلى العقل والقلب هو دعوة واستضافة لذلك الحدث. فإذا أعرب الإنسان عن حبه لله باستمرار، فإن حب الله يستقر في قلبه تدريجياً، ويصبح عاشقاً لله، ويأخذ نوره وصفاءه. إذا قال الإنسان دائماً: “إلهي، أحبك”، فإنه يأخذ لون الوحدة ويصبح إلهياً.

الإلهية تمنح الفرد تفوقاً كبيراً، وتجعله ذا بنية صلبة وإلهية. لكن البعض يحتاج إلى اختبار الحوادث والابتلاءات ليدرك أن كل شيء من الله وإلهي. فكل ما في القلب غير حب الله هو منفصل وقابل للزوال في الدنيا. لا يبقى مع الإنسان إلا حب الله، بل لا يوجد غيره ليبقى. فالظهور ليس إلا مظهراً تابعاً، غير مستقل، خالٍ من الذات، لا يمكن أن يكون فقيراً ولا غنياً.

لكل مظهر سرّ قدر، أي مقدار مادي وصلة حقانية معينة مع الله، تشكل جودة حياته ومحتواه. بنية العالم المادي تجمع بين الحق والباطل، وكل مظهر يحمل الصدق والعدل. هذا الجانب الحقاني هو الوجه الباقي للمظهر، وما عداه فانٍ. هذا الجانب الحقاني يشبه شعلة صغيرة في ظلام واسع، في ظلمات العالم المادي المتراكمة، وسط الباطل المنتشر، وهو دائماً معرض للانطفاء بسبب هجمات الباطل المستمرة، لكنه حتى وسط سيطرة الباطل لا ينطفئ، ويبقى الحق يتلألأ في هذا النظام الأحسن، في عالم الإلزام والطبيعة الحرة، ويمنح المظهر قيمة حقيقية.

كل فرد في حركة نزول وصعود نحو معبوده وحق تعالى، محشور دائماً بتعيناته الربانية، لا يجد في طريقه إلا الحق. أي أن كل مظهر هو الوصول إلى الوجود، وكل ما يصل إليه أي شيء هو وصول ذاته. من يجد الله تعالى والكمال المطلق، يُرفع عنه التوقع، فلا ينتظر شيئاً من أي شيء، ولا يسعى وراء شيء، بل يفعل ما هو نقده. هو لا يملك شيئاً من ذاته، بل هو الفقر والفناء بعينه، ولا يبقى إلا بالحق. الفرق الوحيد بين العبد الواصل والحق هو أن الحق يملك كل كمال، بينما العبد الواصل لا يملك شيئاً. والحق لا يملك عدم امتلاك العبد الواصل. من يتوقع من الآخر شيئاً غير ما هو عليه، فهو لم يصل بعد وينتظر الوصول. أما الواصل فقد وصل، ولا يتجول أو يتسكع، بل يقف بثبات على حاله ونقده، ويفعل ما أراده الحق وحكمه.

تلاوة القرآن الكريم الصباحية

من لطف العينين أن تستمد في أول الصباح من القرآن الكريم غذاءً وطاقة ونوراً وصفاءً وحيوية ونشاطاً، لتكون جاهزة لرؤية الأفضل والتطلع إلى الله تعالى. الارتباط بالقرآن الكريم في بداية اليوم الجديد يمكن أن يضفي نوراً إلهياً على طعم اليوم ومكتسباته العلمية، وإلا فقد يقع الفرد في الحرمان، فيحيك الأوهام بدلاً من العلم الصحيح والمعارف الموثوقة.

إِنَّ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا

تلاوة آيات القرآن الكريم بعد الاستيقاظ تساعد على تعزيز السكينة الروحية، وتقليل القلق، وتحسين الصحة النفسية.

الاستفادة من الأرض الصباحية

في الصباح، المشي على الأرض، خاصة إذا كان حافي القدمين على التراب، مع وضع القدم بلطف دون ضربها بالأرض، هو أمر مفيد جداً. المشي يُفضل أن يكون صباحاً وليس ليلاً. ففي الصباح، تكون الأرض ومراكز طاقتها مفتوحة، فتمنح الإنسان طاقة ونشاطاً، وتحيي الدماغ وتحسن أداءه، وتقوي الأعصاب وتزيل الوساوس. على العكس، المشي الليلي كأنما يصاحب المرء جثة ميتة، فلا يمنحه حيوية، بل يرهقه.

من الأفضل تناول الفاكهة صباحاً، حيث تكون طاقة الفاكهة في الصباح مفعمة بالحركة والنشاط والحيوية. فالفاكهة والأرض تنامان ليلاً وتستسلمان لأخ الموت.

تظهر الدراسات أن المشي حافي القدمين على العشب أو التراب يقلل من الشحنات الكهربائية في الجسم، مما يساعد على تقليل التوتر والالتهاب، وتعزيز الطاقة، وتحسين الصحة النفسية.

آیا این نوشته برایتان مفید بود؟

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

منو جستجو پیام روز: آهنگ تصویر غزل تازه‌ها
منو
مفهوم غفلت و بازتعریف آن غفلت، به مثابه پرده‌ای تاریک بر قلب و ذهن انسان، ریشه اصلی کاستی‌های اوست. برخلاف تعریف سنتی که غفلت را به ترک عبادت یا گناه محدود می‌کند، غفلت در معنای اصیل خود، بی‌توجهی به اقتدار الهی و عظمت عالم است. این غفلت، همانند سایه‌ای سنگین، انسان را از درک حقایق غیبی و معرفت الهی محروم می‌سازد.

آهنگ فعلی

آرشیو آهنگ‌ها

آرشیو خالی است.

تصویر فعلی

تصویر فعلی

آرشیو تصاویر

آرشیو خالی است.

غزل

فوتر بهینه‌شده