الفصل التاسع: التغذية الصحية
الفصل التاسع: التغذية الصحية
إن الغذاء بالنسبة لجسد الإنسان وباطنه هو ما يستقر في روحه، ويتأصل فيها، ويدوم. فالغذاء هو صانع جودة الروح. إن التعامل الرقيق مع الطعام، كالنظر إليه بعين المحبة والصفاء، ينقله إلى استهلاك العقل، والفكر، والقلب، والروح، فيُمكن إضفاء النور والصفاء على الطعام، ومن ثَمَّ على الباطن. يمكن للغذاء أن يتحلى بأنواع من الصفات والطباع الرقيقة، سواء كانت مادية أو مجردة. يُمكن إكساب الطعام العزة، والعظمة، والرفعة، أو جعله ينحدر إلى الذلة والصغار. يمكن أن يُقرن بالعجلة، والتسرع، والضغط، أو بالطمأنينة، والوقار، والسكينة.
إن الجسد، والنفس، والطباع، والشخصية، وبقاء الإنسان تابعة للغذاء الذي يتناوله، كما أن الغذاء نفسه يتأثر بطباع الإنسان. فصفات الفرد الجسدية والنفسية تتبع طعامه، وتكتسب نكهته وطعمه. إن القرب من أي طعام يجعل الفرد مختلفاً عما كان عليه حين تناول طعاماً آخر. يؤثر الغذاء في فكر العقل وإرادته، بل وفي أسمى صفات الكمال الإنساني، وتُكتسب هذه الصفات من خلال تغذية بأطعمة محددة.
الغذاء، بما أنه قد يكون جزءاً من الرزق، يتناسب مع طباع كل فرد وأحكام الله المتعلقة به؛ لذا تختلف الأطعمة، والرغبات، والأذواق، والهوى الغذائي لكل فرد عن الآخر. لتعميم التغذية الصحية، تحتاج الأمة على المستوى الوطني إلى أبحاث غذائية للتوعية، وتحسين جودة الحياة، والوقاية من الأمراض. ينبغي تخصيص جزء من ميزانية العلاج لهذه الأبحاث.
التوافق البيولوجي للغذاء
يجب أن يكون الغذاء متوافقاً مع خلايا الجسد ومع نظام الأعصاب والنفس ليتم امتصاصه. الأطعمة التي لا يمكن للجسد والنفس امتصاصها، ولا تتناسب مع أنظمتهما، لا تُسبب إلا العبء والضرر. يمكن للقمة الغذائية أن تمنح الراحة، وتكون شهية وممتعة، أو إذا كانت محرمة أو ملوثة، فإنها تجلب الحزن والضيق. يمكن للغذاء أن يسبب للفرد الحزن، والكآبة، واليأس، أو يجعله سعيداً، ونشيطاً، ومتفائلاً. يمكن أن يمنح نوماً عميقاً ومريحاً، أو يسبب اضطرابات في النوم. كما يمكن أن يعزز التفكير والعقلانية، أو يجعلهما بطيئين وراكدين، ويُضعف الذكاء. يمكن أن يُسبب اضطراباً في ضغط الدم، فيرفعه أو يخفضه، أو ينظم حركة النبض.
تأثير الغذاء على النفس والسلوك
يمكن للغذاء أن يجعل الفرد لين الطباع وهادئاً، أو غاضباً وعدوانياً. قد يُسبب النعاس، أو يولد الحقد، والكراهية، والعنف، ويجعل الفرد ينفر من بعض الناس أو ينجذب إلى آخرين. ومن أمثلة ذلك الأطعمة التي تُعدّ على عجل دون مراعاة العمليات الطبيعية لتحضيرها. يمكن للغذاء أن يُلهم الفرد إيماناً، ونشوة روحية، وتوحيداً، أو متعة مادية، أو شهوة، أو حتى شركاً وتعددية. قد يعزز الدقة العقلية، والقدرة على التحليل والاستدلال، أو يُسبب التشوش والاضطراب. بعض الأطعمة تحمل معنوية وباطناً موحداً، بينما أخرى مشركة وخالية من الباطن.
كان للأنبياء والأولياء الصالحين أجساد صحية ومتناسقة، لأنهم اعتمدوا تغذية تتماشى مع نظام الرعاية الذاتية الإلهية وروحانية الطعام. وبفضل أجسادهم الصحية وتناسقها، استطاعوا بلوغ الكمالات الروحية، والحفاظ على النعم الإلهية بطهارة، وتعزيزها. لذا، ينبغي تناول أفضل الأطعمة وأجودها وأطازجها وأنقاها، وتجنب الأطعمة الفاسدة أو الراكدة.
دور التغذية في الصحة الشاملة
من الأمور التي تساهم في الحفاظ على الحواس، والذكاء، وصحة التفكير، وفي صحة الجلد، والجمال، وتناسق القوام، وفي تحقيق النشاط، والحب، والصفاء، هي التغذية والطعام. بل إن غذاء الجسد متشابك مع الباطن وقدرته على الصعود والتوسع، وهو الذي يحدد ذروة الفرد أو انخفاضه، ارتقاءه أو انحداره، وسلوكه. فإذا لم يُقترن الطعام بالجوانب المعنوية، ولم يُذكر اسم الله عليه، وكان من مصدر ميت، فإنه يجعل الفرد ميتاً.
إذا لم يحظَ الجسد بتغذية صحية وجهاز إخراج سليم، فإنه يصبح بطيئاً، وكسولاً، ومعطلاً، ويُمضي عمره في البطالة. فإذا لم تكن التغذية صحية ومناسبة، فلن يكون الفرد سريعاً، أو بليغاً، أو نشيطاً، وسيصبح قلبه خاملاً، ودماغه يعاني من الخمول والاضطراب، وجسده مثقلاً بالعبء. تُعدّ الألوان الباهتة والداكنة في الجسد علامة على تغذية غير صحية ومعدة مريضة. فإن لون الوجه وجودة الجلد مرآة لصحة المعدة أو مرضها. تظهر ضعف المعدة وأمراضها على وجوه الأفراد. تؤدي سوء التغذية إلى فقدان مرونة الجلد، فيصبح مترهلاً. ويُعدّ ترهل الجلد من علامات تشخيص نوع المرض.
التغذية والعبادات
حتى الصلاة والعبادات، إذا لم تُقترن بتغذية صحيحة، تصبح كالصلاة بلا طهارة أو بماء مغصوب، فلا تُنتج ارتقاءً أو تطهيرفإنها قد تؤدي إلى القسوة، والتصلب، والتكبر، والشرك، أو إلى أوهام ووساوس مضرة. تتطلب الصلاة والعبادات وقوداً نقياً، وقيمتها تتوقف على إنسانية الفرد، وصفائه، وخلوصه، وقوته. فمن لا يتمتع بتغذية حلال وطعام مناسب، أو يعاني من الإمساك، أو الفضلات الفاسدة في الجسد، أو الأمراض، والعدوى، أو مثقلاً بالغضب، والحقد، والكراهية، أو الكذب، والظلم، فإن أفعاله، بما في ذلك الصلاة والعبادة، تصبح فاسدة، ولا تحمل القيمة اللازمة للارتقاء، أو القرب، أو تحقيق الوعي الإلهي. مثل هذا الفرد ليس مؤهلاً لأداء الصلاة، أو الشعور بالتوجه إلى الله، ولا يملك الأرضية للتكوين العلمي، والديني، والإلهي، وهو كسيارة مثقوبة الإطارات، مهما امتلكت من تجهيزات أمان وراحة.
من يفتقر إلى التغذية الصحيحة والجوانب المعنوية الإيجابية يصبح فريسة للضغط، والتوتر، والاضطراب، وتراكم الأوهام، التي وصفها القرآن الكريم بالسدود والأغلال. مثل هذا الفرد يحتاج إلى العناية، وهندسة التغذية، وتحقيق التوازن الغذائي، وجودة نوم كافية، واستهلاك الطاقة عبر الرياضة، والعناية المعنوية من خلال تلاوة القرآن الكريم، والعبادات، والممارسات الروحية.
العناية الغذائية
تتطلب العناية الغذائية متابعة الطعام وتنقيته من مرحلة الإنتاج إلى الاستهلاك. فعلى سبيل المثال، عند تناول الطعام، يتعامل الفرد معه بحب، ويقول في نفسه: “يا عزيزي، أتناولك لئلا تصبح نفاية أو فاسداً، بل لتُصبح جزءاً من روحي، وربما تتصل بالمثال والملكوت”. وعند ذبح الحيوان، يُسقى ماءً لا لإرواء عطشه، بل ليأنس به، ويُعلن الفرد للحيوان: “يا عزيزي، ليس بيني وبينك خصومة، أذبحك بصفاء قلب دون حقد أو قسوة، لترتقي وتصبح طعاماً صالحاً للمؤمنين، وتكون مؤهلاً للوصول، لا نجساً أو ميتاً”.
إذا لم تتوفر العناية الغذائية، والنوم الجيد، والتمارين المناسبة، فإن الجوانب المعنوية، والعبادات، والممارسات الروحية تصبح خالية من الحيوية والقوة، ولن تكون أي ممارسة معنوية مجدية. هذه العناصر الثلاثة قد تُصبح مخدرة ومسمومة للأعصاب والنفس، وتجعل أداء الدماغ غير صحي. فالعبادات والصلاة لا تكون فعّالة إلا فيمن يتمتع بتغذية مُهندسة ومُدارة بعناية.
أهمية العناية بالجهاز الهضمي
يُعدّ الجهاز الهضمي، وبخاصة المعدة والأمعاء، من الأعضاء الحيوية الأساسية في الجسد للهضم وامتصاص الطعام. ومن عناصر الرعاية الذاتية معرفة ومراقبة المراكز المؤثرة في تغذية الجسد، والمواقع الرئيسية لتكوّن الميكروبات المسببة للأمراض. تُعدّ المعدة أحد هذه المراكز، وهي تحتاج إلى مراقبة دائمة، وتنظيف مستمر، لتبقى قوية وصحية، قادرة على هضم الطعام بكفاءة، وسهولة، ومتعة طوال العمر، دون أن تُفسد الطعام المتناول، أو تُحوّله إلى مواد فاسدة.
تُعدّ المعدة والجهاز الهضمي من المراكز الرئيسية لإدارة الجسد وحركته، وهي تؤثر حتى على القلب. المركز الثاني هو الدماغ، والعقل، وجهاز التفكير، الذي يمنح الجسد القدرة على الحركة العقلانية. فإذا أصيب الفكر بالحزن، أو القلق بشأن المستقبل، أو الأحبة، فإنه يعيق المعدة عن أداء وظيفتها الصحية، ويُصيب الفرد بفقدان الشهية العصبي، واضطراب النوم.
تمتلك المعدة وعياً وانتباهاً، وكذلك غفلة ولاوعي. كلما تناول الفرد طعاماً أجود، وأكثر كمية، زاد انتباه المعدة للطعام، فيشعر بالجوع سريعاً. أما من يتناول طعاماً رديء الجودة، أو يعتاد على الأكل القليل، فإنه يتأخر في الشعور بالجوع، لأن المعدة تقلل انتباهها للطعام، وتصبح غافلة عنه، ويصبح الجوع عادة مهملة.
تنبع الصحة، ومعظم الأمراض، والاضطرابات الجسدية من المعدة والأمعاء، وبخاصة من الإفراط في الأكل، وملء المعدة بالأطعمة الفاسدة والملوثة. كلما زاد الإفراط في الأكل، زادت الفضلات الجسدية، وفرص الإصابة بالإمساك، وصعوبة الإخراج. تُعدّ صحة الجهاز الهضمي حيوية لامتصاص المغذيات، والوقاية من الأمراض. فالميكروبيوم المعوي يؤثر على الصحة النفسية والجسدية، وجودة الدم تتأثر بصحة الهضم. يُعدّ الجهاز الهضمي مدخلاً للعديد من الأمراض. إن الالتزام بالنظافة، وصحة الجهاز الهضمي، والمعدة، وإدارة هذا المدخل بشكل صحيح، يؤدي إلى تعزيز صحة الجسد في أعضائه، وأجزائه الأخرى، وإلا فإن الفوضى، والانهيار ستعم الجسد بأكمله. فالحواس، بما هي مداخل الجسد، لها ارتباط وثيق بالمعدة.
العضو الحيوي الثاني المؤثر في صحة الجسد هو القلب، والدورة الدموية. لكن جودة الدم تتوقف على المعدة، والتغذية، والهضم. فمعظم الأمراض تنشأ من رداءة جودة الدم، التي تعود أصولها إلى المعدة. في المستقبل، قد يتمكن الإنسان من تطوير تقنية لصناعة الدم من نفايات معينة، بحيث يحمل هذا الدم كل خصائص الدم الطبيعي.
كما ذكرت سابقاً، فإن حركة الإنسان الجسدية، والمادية تنبع إما من الجهاز الهضمي، وبخاصة المعدة، التي تؤثر على الفم، والحلق، والمريء، ثم الدورة الدموية، والقلب، والرئتين، أو من الدماغ، الذي يتحكم في الفكر العقلي، وجهاز الفهم، والعقلانية، أو من أمر متجاوز للدماغ، ينبع من القلب المادي، ونفوذه الباطني، وحكمته الهجومية. فالطعام الذي يصل إلى المعدة، بعد هضمه، يتحول إلى الدم، ومن خلاله يؤثر على الدماغ.
الدماغ هو أداة متوسطة للتفكير، ومداه الأعلى هو المفهوم، والحياة العقلية. لكن مركز الوعي الأعلى هو القلب، الذي يتميز بالمرونة، واللين، وقوة الاستماع، وهي أسس الهداية، وله انكشاف الحكمة، وهو مصدر النور الإنساني، ويرتبط بالقلب الجسدي، ويتفاعل معه، ويُعدّ باطنه.
يستطيع صاحب القلب أن يستخدم الأطعمة المادية لتعزيز إرادته، وهمته بما يتجاوز المعتاد، ويخزنها، ويستهلكها تدريجياً على مر الزمن.
تنظيف المعدة والأمعاء
المعدة الصحية والنظيفة هي مصفاة لكل شيء، فتحول الطعام إلى صفاء. أما المعدة الملوثة فتُفسد كل شيء، حتى الطعام الطازج، والصحي، فتحوله، كما في حالة الإمساك، إلى مواد فاسدة، وزائدة. لذا، فإن تعزيز صحة المعدة، وتطهيرها من الشوائب، والرواسب، والأفكار الوهمية أمر ضروري. الممارسات الروحية المناسبة للفرد تُنظم نومه، وأكله، وتمنعه من الإفراط في النوم، أو الأكل.
تحتاج المعدة، والأمعاء إلى التنظيف، والتطهير من الشوائب، والميكروبات الضارة، والتفريغ الكامل. فالمعدة، والأمعاء غير المطهرتين تحتفظان بالشوائب، ورواسب الفضلات، فيصبح الفم كريه الرائحة، وتظهر رائحة المعدة في النَفَس، وتتلف الأسنان، وتُصدر الأذنان طنيناً، وترتعش العينان. المعدة، والأمعاء الملوثتان تُفسدان الجسد بأكمله، بما في ذلك الدماغ، والفكر، وتجعلانهما ملوثين، ومُدمرين. التنظيف المنتظم للأمعاء، كالإخراج السليم، ضروري لصحة الهضم. فالإمساك قد يُسبب تراكم السموم، ويؤثر سلباً على الصحة العامة.
إذا لم تُنظف المعدة، وتُطهر، فإن الدماغ، والمخيخ، وأداء الدماغ يتعطلان، ولا يفكر العقل بمنطقية، وانسجام، ويصاب بالأوهام. إن صحة الجسد، والفكر تكمن في معدة نظيفة، وصحية. فجميع أعضاء من يملكون معدة، وأمعاء ملوثة تنبعث منها رائحة التلوث.
إذا كانت المعدة، والأمعاء ملوثتين، فإنهما تُسببان اضطراب النوم. اضطرابات النوم هي مجموعة من الحالات التي تؤثر على قدرة الفرد على النوم بانتظام، مثل النوم المفرط، أو القليل، والاستيقاظ المفاجئ، وصعوبة الوصول إلى النوم العميق، وصعوبة النوم، أو متلازمة الإرهاق المزمن، وهي تمنع النوم بكمية مناسبة.
الجسد الذي لا يخضع لتنظيف مستمر للمعدة، وتفريغ الأمعاء، وبخاصة عبر التمارين المنتظمة، يتأثر مظهره الخارجي، فيفقد الشفافية، والجاذبية، والجمال، والوسامة، ويصبح قبيحاً، وكريه المنظر. بينما الجسد الصحي، إلى جانب الحب، والصفاء الباطني، يتمتع بالجمال، والفرح، والحيوية الظاهرية.
العلاقة بين المعدة وضعف الأعصاب
إن منشأ بعض حالات ضعف الأعصاب يكمن في المعدة. صحيح أن هذه الحالات تُوصف بضعف الأعصاب، لكن السبب الحقيقي هو ضعف المعدة وتلوثها. يمكن تشبيه الأعصاب بدوائر إلكترونية مدمجة موزعة على لوحة إلكترونية، تنتشر عبر الجسد بأكمله، بما في ذلك العظام والشعر. لم تبلغ البيانات الطبية الحالية حول الأعصاب بعد درجة الدقة الكافية؛ لكن تقدم العلوم الطبية والطب الصناعي سيؤدي إلى إدراك أن الإنسان مكون أساسًا من شبكة عصبية، لا من لحم وعظام فحسب، إذ تغمر الأعصاب الجسد بأكمله، بما في ذلك الشعر.
لا ينبغي ترك المعدة العصبية في حالة جوع؛ وإلا أصيبت بالنهم والشره، مما يؤدي إلى الإفراط في الأكل. هذا الإفراط العصبي يشكل نوعًا من الاستبداد والسيطرة على الجسد، وبالأخص على الجهاز العصبي والأوعية الدموية، فيختصر العمر. إن الهواء النقي، والتنفس العميق، والرياضة تُشبع المعدة وتمنحها الرضا، وتولد طاقة تفوق ما يوفره تناول الخبز التقليدي مع اللحم المشوي، كما سبق ذكره في هذا الكتاب.
التغذية الخاطئة الشائعة، التي تستند إلى العادات لا إلى طبيعة الجسد، تشبه الإدمان؛ حيث يعتقد المدمن أن راحته تكمن في تعاطي المخدرات والمواد الأفيونية. يمكن مساعدة المدمن على التخلص من الإدمان من خلال إحاطته بالمحبة من المحيطين به، وتعزيز شعوره بالكرامة والقيمة الذاتية، ومنحه الثقة، إلى جانب ممارسة الرياضة الخفيفة المستمرة، واستنشاق الهواء النقي المنعش، وتناول أطعمة مقوية وشهية.
حقوق المعدة
قد تكون المعدة مركزًا للأمراض؛ فالموت، كجنين ينمو في الرحم، يتفاقم فيها. لا يمنع هذا الموت التدريجي وتكاثر خلايا الشيخوخة سوى الرعاية الذاتية، التي تشمل تجنب الإفراط في تناول الأدوية الكيميائية، والتحكم في الوزن، واستنشاق الهواء النقي، والتنفس العميق، والالتزام بنظافة النوم، واتباع تغذية صحيحة، وإجراء اختبارات الرعاية الذاتية، وغيرها من الأمور التي تناولها هذا الكتاب أو سيتناولها.
في هذا السياق، يبرز أهمية استنشاق الهواء النقي والصحي. تستفيد المعدة من الهواء النقي عبر التنفس العميق الطويل، فتدمجه في عملية هضم الطعام وقتل الميكروبات داخلها؛ لذا، يسهم التنفس الصحيح والهواء النقي في تطهير المعدة. إن التنفس العميق المديد بالهواء النقي يعزز الصحة، ويطيل العمر، ويحافظ على نقاء البشرة، ويمنع بهتان لونها وتجاعيدها، كما يقي من أمراض القلب والمغص.
تسيطر حركة الدماغ على حركة المعدة وتؤثر فيها. فعندما يغرق الفرد في التفكير، أو يتأمل في الماضي بحزن، أو يواجه مشاهد مخيفة كحادث أو وفاة أحد الأقرباء، أو ينتظر عقوبة قاسية كالإعدام، أو يفقد ابنه، أو يعاني من الديون، يتحرك عقله؛ فتؤثر هذه الحركة على المعدة، فتعطل حركتها الطبيعية المتوازنة، وتثير تفاعلات كيميائية تقلل الشهية أو تثبط إفراز أحماض المعدة. تتأثر المعدة كثيرًا بالحزن والفرح، وتنقل هذا التأثير إلى سائر الجسد؛ إذ إن كثيرًا من أمراض المعدة والجهاز الهضمي لها أسباب نفسية-جسدية.
في التفكير الصحي، يتركز الانتباه على اللحظة الحاضرة فقط. من يعيش للغد أو يتأمل في أحداث الأمس، يغفل عن الحاضر، فيفقد متعة الحياة وطيبها، وهي في العيش في الآن، ويخسر الرضا والسرور.
إذا امتلأت المعدة بالطعام وثقلت، لم تعد تدرك طعم الأطعمة بدقة، بل تضعف الفكر والتفكير، وتقلل من قدرته على التحليل والإدراك. للحفاظ على قوة التفكير وصلابته وإبداعه، يجب الاعتماد على الأطعمة السائلة كالحساء والمشروبات، وتقليل تناول الأطعمة التي تثقل المعدة وتسبب الإمساك، وتجنب الأطعمة الراكدة أو الفضلات تمامًا؛ لأنها تؤدي إلى ركود الفكر وتحرم الفرد من اكتشاف الجديد.
لا يصبح الإنسان مفكرًا إلا إذا تمتع بتغذية ونوم متوازنين وعاليي الجودة. المعدة الممتلئة والثقيلة تعاني من الانشغال بهضم الطعام وإخراجه، فتستقطب الدم إليها، ولا تترك طاقة للدماغ والفكر. المعدة المحشوة بأطعمة متنوعة وملونة تجذب الدم لتهضمها وتخرجها، فتركز قوى الجسد والدماغ فيها، ولا يبقى للعقل طاقة؛ نتيجة لذلك، يضعف إدراك الإنسان، وتنغلق أمامه سبل الفهم الأرضي والإلهام السماوي. يختلف الإدراك عن الفهم والإلهام بدرجته؛ فالإدراك يتعلق بالمحسوسات وهو أضعف من الفهم، والفهم هو دقة الإدراك ويتعلق بالمعقولات، أما الإلهام فهو صفوة الفهم التي تصل إلى العقل القدسي. وقد تناولت هذه المواضيع بالتفصيل في كتاب “الوعي والإنسان الإلهي”، ولهذا السبب أسميت كتاب “منطق الفهم” بهذا الاسم.
يتطلب التغذية نهجًا وبرنامجًا منظمًا، فالعقل المنضبط الذي يتبع جدولًا زمنيًا يهيئ الجسد مسبقًا لاستقبال الطعام، ويجعله مستعدًا لجدول غذائي محدد. في هذه الحالة، تصبح المعدة جاهزة لهضم أصعب الأطعمة دون أن تسبب للجسد ضغطًا أو خطرًا. الحياة تحت الضغط، والإكراه، والفوضى، وغياب الإرادة، وعدم وجود حرية الاختيار، تشكل أرضية خصبة لظهور الأمراض.
يمنح الجسد، بحرية اختيار الطعام واتباع برنامج غذائي انتقائي، القدرة على التفاعل مع الطعام والتحكم في امتصاصه. في هذه الحالة، يُستخدم الطعام لصالح الجسد قبل تناوله، ولا يشكل خطرًا على الجسد الذي يعتني بنفسه.
عندما يُذكر في هذا الكتاب برنامج التغذية الروحية، فالمقصود به الأشخاص الأصحاء. أما المرضى فيحتاجون إلى استشارة طبيب مختص والالتزام بتوصياته.
يجب أن تُدار التغذية بجودة غذائية عالية، دون أن تؤدي إلى الجوع الناتج عن قلة الأكل. لا يمكن الترويج لشعار “الجوع” بشكل عام؛ لأنه يسبب ضعف الجسد، واضطراب الأعصاب، والوسواس، ويُخرج الفرد من الحياة الطبيعية، ويعيق تطوره الشخصي، ويسبب اضطرابات في وظائف الدماغ، بدلاً من تمكينه من التطور. ومع ذلك، لا ينبغي للفرد أن يأكل إلا عندما يشعر بالجوع؛ إذ إذا لم يصل الجسد إلى حالة الجوع الطبيعي المتوازن، يصاب الدماغ بالانقباض، وضعف الأداء، وتراجع الذاكرة، والنسيان.
كما أن السعي الزائد وراء الرفاهية، والترف المفرط، والإفراط في الأكل مذموم، وكلاهما، مثل العمل الزائد، يسببان العصبية، والعدوانية، والضعف، والخمول، وكذلك الانشغال بالذات، الذي يعد من أسباب القسوة، لا ينتج عنه سوى المرض. كذلك، فإن عدم الأكل والجوع الشديد لهما عواقبهما؛ إذ يجعلان المعدة بطيئة، وضعيفة، ومسنة، ويولدان الكآبة والأوهام العقلية.
للحفاظ على معدة صحية، وهي مركز القيادة الأول للجسد القوي، يجب احترام حقوق المعدة، بما في ذلك تجنب التشتت أثناء الأكل والتركيز على تناول الطعام، للوقاية من أمراض الجهاز الهضمي كالقرحة، وكذلك من الكآبة والأوهام العقلية.
الإفراط في الأكل مضر للمعدة، وكذلك عدم الأكل والجوع الشديد، وكذلك عدم الاهتمام بجودة الطعام المتناول. يجب التركيز على جودة الطعام وتنوعه، والانتباه إلى التركيبات الغذائية، وتجنب الأطعمة غير المتوافقة. في كل شيء، ينبغي مراعاة الاعتدال والتناسب، والنظر إلى قضايا الحياة بعلمية، واكتساب علم الحياة، للعيش بصحة جيدة دون إهمال حقوق أي عضو من أعضاء الجسد. هذا الهدف لا يتحقق إلا من خلال هندسة التغذية، وبرنامج نوم صحي وسليم، والوعي بعلم الحياة، الذي يعلم الإنسان كيفية التعرف على نظامه الطبيعي والسير على نهجه الصحيح.
من الأمور التي تؤثر على المعدة والدماغ الشهوة الجنسية والمتعة الجسدية، وهما محفزان ومنبهان. من يعرض جسده للتحفيز المفرط بالشهوات والمتع الجسدية، يجبر المعدة على العمل المكثف، مما يجعلها نشطة بشكل زائد.
تطهير المعدة
إذا لم تُطهر المعدة جيدًا من الفضلات، أو أصيبت بالصلابة والإمساك، فإنها تغير لون الجسد، فتصيره داكنًا وباهتًا، وتجعل لون الشعر ميتًا ورماديًا. مثل هذه المعدة والأمعاء تفسد الأطعمة، وتسلب الفرد الحركة والنشاط، وتجعله عرضة للشيخوخة المبكرة. أما المعدة المطهرة جيدًا، فتجعل لون الوجه مشرقًا، ولون الشعر حيًا ولامعًا وجميلًا.
يساعد تناول الخيار، الذي يعزز نضارة البشرة وإشراقها، على تطهير المعدة بفضل احتوائه على نسبة عالية من الكبريت، الذي يقضي على الميكروبات الضارة.
يتمتع الكبريت بخصائص مضادة للميكروبات، إذ يطهر الدم، ويحمي الجسد من التأثيرات الضارة للإشعاعات والتلوث، ويسهم في علاج حب الشباب وآثار الجروح. نقص الكبريت، وهو أمر نادر، يسبب مشكلات هضمية واضطرابات في الذاكرة. يوجد الكبريت في الثوم، والبصل، والطماطم، والبطاطس، والموز، والخضروات مثل الكرنب بأنواعه، والبقدونس، والسبانخ، وصفار البيض، ويُستحسن تناول هذه الأطعمة بانتظام وباعتدال.
يُعد الكبريت، بعد الكالسيوم والفوسفور، ثالث أهم معدن في الجسد، وهو مسؤول عن تناسق الجسم، وجمال القوام، وإزالة السموم، وتطهير الجسد من السموم المختلفة، وتنظيف الكبد، العضو الحيوي الأساسي.
يُعد العسل الطبيعي الصحي مادة حيوية وشفائية، رمزًا لاسم الله الصمد، غير قابل للاختراق. على عكس البصل، الذي يجذب معظم الميكروبات ويطهر البيئة المحيطة، لا يجذب العسل أي ميكروبات، حتى في أكثر البيئات تلوثًا، بل يتمتع بخصائص مضادة للميكروبات، مما يجعله علاجًا طبيعيًا لأمراض الجهاز الهضمي والأمعاء، ومقويًا للأعصاب. العسل، بفضل خصائصه المضادة للبكتيريا والالتهابات، فعّال في علاج الجروح والتهابات الجهاز الهضمي. يُعتبر العسل من أفضل المحليات، فهو يكسر السكر ويمنح الحيوية.
يعتمد جودة العسل على مصدره النباتي. تختلف خصائص العسل حسب النباتات التي يتغذى عليها النحل في كل منطقة. إذا لم يتغذَ النحل تغذية طبيعية، فلن يكون عسله شفائيًا. النحل، إذا تُرك في بيئته الطبيعية وحريته، يتغذى على ما يناسبه ويستمتع به، فيصنع عسلًا شهيًا ومفيدًا للجسد.
يعكس العسل، برؤيته الحالمة، طاقة المحبة المعنوية والمودة الباطنية. يُعد العسل من الأطعمة المبهجة. يقول القرآن الكريم عن العسل:
﴿وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ۞ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ {النحل: 68-69}
أوحى الله إلى النحل أن تتخذ من الجبال بيوتًا، ومن الأشجار، ومما يعرشون، ثم تأكل من كل الثمرات، وتسلك سبل ربها ذللًا، فيخرج من بطونها شراب مختلف الألوان، فيه شفاء للناس؛ إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون.
العسل الممتاز، إذا استُهلك مع قليل من الحليب أو الماء الدافئ، أو مع الخضروات (عدا الخس والنعناع)، وخاصة الريحان بدلاً من الخبز، أو مع أطعمة مثل الجمبري أو الكافيار أو كمية قليلة من لحم الضأن النقي، يشكل غذاءً مقويًا للجسد، شهيًا، ويطيل العمر.
لحم فخذ الضأن، لتلامسه مع الأرض والتراب، غير مناسب للاستهلاك. أما اللحوم مثل الفيليه، والصدر، والعنق، والكتف، التي لا تتلامس مع التراب، فتمتلك فوائد أكبر للجسد. تناول لحم الفخذ يؤدي إلى شيب الشعر، وضعف بصر العين، وتراجع قوة الذراع، ويسبب الشيخوخة المبكرة، كأنه يرش التراب على باطن الفرد ويدفنه.
يُذكر أن طبق اليخني، إذا طُبخ باستخدام قدر الضغط، يسبب انقباض العقل والعضلات، ويضعف الأعصاب. قدر الضغط، لأنه يعرض الطعام لظروف قاسية وضغط عالٍ، ولا يتماشى مع الطهي التدريجي اللطيف، يحوله إلى مادة مرة كالسم. الطعام المطهو ببطء يكون حلوًا، ومناسبًا، وشهيًا للجسد.
طبقان تقليديان، اللحم المشوي وطبق الرأس والأقدام، يعدان من أشهى وأقوى الأطباق في العالم من حيث اللذة والتقوية. طبق الرأس والأقدام، إذا طُبخ طازجًا، خاصة عند رفع غطاء القدر، ينقل أعلى مستويات الطاقة، ويكون شهيًا وممتعًا للغاية للجسد.
من يتناول الفيليه، على الرغم من أن جسده لا يصبح ثقيلًا أو بدينًا، قد يثقل عقله وباطنه؛ لذا يُستحسن تناول الخس، والقرفة، والزنجبيل معه. عند تناول اللحم، يجب استهلاك الخل لتمكين المعدة من التخلص من الفضلات الناتجة عنه؛ إذ لا يحل عصير الليمون محل الخل في هذا السياق.
تناول الفلفل الأخضر باعتدال مع الطعام يحفز الشهية، ويحسن الهضم، ويخفف من التخمة.
المشروبات الغازية، بفضل الغازات التي تحتويها، فعّالة في تحريك وتدفق المواد المترسبة في المعدة والأمعاء. يمكن تحقيق هذا التطهير للجسد عبر استنشاق الهواء النقي أثناء ركوب الخيل بسرعة، أو القيادة في طرق خالية مع خفض نوافذ السيارة، حيث يتدفق الهواء السريع عبر الأعضاء، فيحرك الخلايا الميتة ويطردها من الجسد.
الجسد الذي يتغذى على أطعمة صحية، ويتمتع بإرادة قوية، ويتغذى على المعاني الروحية كالصفاء، والحب، والرؤية، والإيمان بالله، يتميز بسرعة تجديد خلاياه وتجديد شبابها، فلا يتجدد كل بضع سنوات فحسب، بل يحافظ دائمًا على النشاط، والنضارة، وإشراق البشرة، واحمرار الوجه وجاذبيته، خاصة إذا ارتبط الفرد بالمعاني المجردة، وتغذى منها، وحول المجرد إلى مادة، أو رفع الجسد إلى درجة من اللطافة غير العادية.
قرحة المعدة
قرحة المعدة هي جروح مفتوحة في بطانة المعدة أو الجزء الأولي من الأمعاء (الإثني عشر)، تنشأ نتيجة تآكل الغشاء المخاطي الواقي للمعدة بسبب إفراز زائد لأحماض المعدة. تتمثل أعراضها في ألم المعدة (في الجزء العلوي من البطن)، وقد يُحس به في مناطق مختلفة من الجسد. يشتد هذا الألم عندما تكون المعدة خالية، بسبب تأثير الأحماض. يمكن أن تؤدي عوامل مثل التوتر النفسي، أو العدوى البكتيرية، أو الحركة البدنية المكثفة، أو الحرمان المستمر من النوم لفترات طويلة، إلى زيادة إفراز الأحماض، مما يسبب قرحًا عصبية في المعدة. إذا تفاقمت القرحة، قد تؤدي إلى نزيف في المعدة والأمعاء، وفقدان الوزن دون سبب واضح. القرح الناتجة عن التوتر تتكون بسرعة كبيرة.
تناول العسل والنعناع، كمادتين مضادتين للالتهاب والبكتيريا، لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى شهر حسب احتياجات الجسد، إلى جانب إدارة التوتر والضغط النفسي، وتناول زيت الزيتون، يفيد في علاج قرحة المعدة.
يسبب التوتر والضغط النفسي التهابًا وقرحًا في المعدة. يمكن السيطرة على التوتر عبر عوامل مثل الدعم الاجتماعي للمتضرر، والاستحمام بماء فاتر يميل إلى البرودة (ليس شديد البرودة)، أو الجلوس في حوض الاستحمام أو السباحة في المسبح كل يومين، وتجنب الأطعمة التي يتحسس منها جهاز المناعة، وممارسة تمارين خفيفة صباحًا ومساءً لمدة خمس إلى عشر دقائق، إلى جانب استشارة طبيب مختص في الأمراض الباطنية، وكلها تسهم في تحسين قرحة المعدة.
تناول الفواكه الحلوة مضر للمصابين بقرحة المعدة.
برنامج التغذية
يجب أن يكون النظام الغذائي متوازنًا، ويوفر العناصر الغذائية الأساسية، بما في ذلك البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون الصحية، لتأمين طاقة الجسد والحفاظ على صحته العامة، والوقاية من الأمراض.
الطعام غير المناسب وغير العلمي، الذي يُتناول بناءً على العادة وليس التخطيط والإرادة، يضعف الإرادة، ويجعلها فارغة وقابلة للاختراق، ويقلل من قدرة الفرد على التماسك والوحدة، فيؤدي إلى الوهن والضعف.
للحفاظ على الصحة، وتعزيز الحواس والذكاء، وضمان أداء الدماغ السليم، والاستفادة من الباطن ومواهب الإرادة والتماسك، يجب الاهتمام بالتغذية، وجعلها خاضعة للتربية والتخطيط. ليس كل ما يُقدم للإنسان، أو اعتاد جسده عليه دون وعي أو إرادة، صالحًا للتغذية أو الامتصاص أو الفائدة. يقول القرآن الكريم:
﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ {البقرة: 60}
كلوا واشربوا من رزق الله، ولا تعثوا في الأرض مفسدين. تحث هذه الآية على جودة الأكل والشرب، والعيش باعتدال، والابتعاد عن إفساد الجسد ورزق الله.
كما أن الأفيون يسبب الإدمان، فإن العادات الغذائية كذلك، وقد تثير لدى البعض نهمًا لا يُشبع ولا يُضبط في الأكل، وهو نوع من الإفساد للجسد.
يجب أن يكون العقل مدركًا مسبقًا، على مستوى اللاوعي، لما سيتناوله من طعام خلال الأيام الثلاثة القادمة على الأقل، ليكون مستعدًا له. ينبغي أن يعرف الجسد ماذا يأكل، وكم يأكل، وكيف يحافظ على تنوع الطعام.
بعد تناسب الطعام مع النشاط البدني، يجب الاهتمام بنوعية الطعام. ينبغي أن تكون كمية المشروبات، مقارنة بالأطعمة الصلبة، ضعفها على الأقل. المشروبات، والعصائر، والأطعمة تحتوي على فضلات. إذا لم تكن نسبة الفضلات في الجسد متوازنة مع المشروبات والسوائل، فإن ذلك يسبب ضغطًا وأزمة للجسد، خاصة مع الإمساك، فيتحول التخلص من الفضلات إلى معاناة ومحنة. الضغط وارتفاع السكر في الدم ينجمان عن الإمساك. لا ينبغي إدخال الخبز، والأرز، واللحم إلى المعدة إلا بقدر الضرورة، ووفق برنامج غذائي منظم.
تناول الخل المخفف من التفاح يقوي بكتيريا الأمعاء النافعة، ويمنع التهابات الجهاز الهضمي، ويقلل منها.
تُعد العرقسوس، وهلام الصبار، وتجنب الأطعمة الحارة، وسائل فعّالة لتخفيف التهاب المعدة وترميم غشائها المخاطي.
أهمية التنوع الغذائي وتجنب العادات الغذائية الرتيبة
ينبغي أن تتسم التغذية بالتنوع والتعدد لتجنب إصابة الجسد بنقص المغذيات أو الفقر الغذائي، ولمنع الاعتياد على أطعمة معينة. يتيح التنوع الغذائي للجسد استقبال الطعام بإرادة وشعور إيجابي، مما يعزز قدرته على امتصاص المغذيات بكفاءة عالية، ويؤمن الحيوية والنشاط للجسد والنفس. وقد أكدت الدراسات العلمية على فوائد التنوع الغذائي في تعزيز التغذية السليمة.
تلعب جودة الطعام دورًا محوريًا في تشكيل الوعي، والمشاعر، والعواطف، والرغبات لدى الإنسان، سواء على المستوى العقلي أو الجسدي. الأطعمة التي يعتادها الجسد لا تُمتص بكفاءة، ولا تقدم فائدة كبيرة؛ بل تتراكم على شكل فضلات، أو سموم، أو زيادة في الوزن. إن تناول أطعمة متكررة دون اتباع جدول غذائي يراعي التنوع يؤدي إلى الإرهاق الذهني، وضعف الجسد، وتغير لون البشرة بشكل غير طبيعي، وزيادة شعر الجسم، وظهور الشيب المبكر. يظل الفرد الذي يفتقر إلى التنوع الغذائي ضعيفًا، ويقل لديه الاستعداد لتنمية جوانبه الروحية الداخلية.
التغذية السليمة تقوم على التنوع الغذائي واستخدام جميع المجموعات الغذائية، مما يساعد على تحقيق وعي دقيق وصادق، ومعرفة موثوقة. فالفرد الذي يكرر تناول طعام واحد أكثر من عشر مرات شهريًا، ويفتقر إلى التنوع، يصاب بتضاؤل في وعيه الروحي، وبطء في تفكيره، ونقص في الإدراك. كما أن هذا النقص يؤثر على قدرته على التأثير في تحديد جنس المولود؛ إذ إن التغذية القوية تُعد أحد العوامل المؤثرة في إنجاب الذكور. والفرد الذي يفتقر إلى الحيوية والنشاط قد يميل إلى إنجاب الإناث؛ مع الأخذ في الاعتبار أن العوامل المعنوية والبيئية، مثل جودة الهواء، تؤثر أيضًا في هذا السياق.
يؤدي نقص التنوع الغذائي، خاصة لدى الأطفال، إلى اضطرابات في وظائف الدماغ، مما يسبب بطء التفكير وضعف المواهب. في المقابل، تعزز الأطعمة المتنوعة نمو القدرات الفكرية، وتقويتها، وتؤدي إلى التفوق الفردي. كما أن التنوع الغذائي يمنح الجسد تناسقًا يتماشى مع العمر، ويحافظ على قوته وحيويته؛ مما يجعله رشيقًا ونشيطًا طوال مراحل الحياة. تتميز الأجساد التي تتبع نظامًا غذائيًا متنوعًا بسهولة الانتقال إلى المراحل النهائية للحياة، كالاحتضار، بسلاسة وراحة.
يشمل التنوع الغذائي الأطعمة المادية والمعنوية، بما في ذلك الأغذية المثالية، والروحانية، والإلهية، والطاقات غير المادية. يجب إخراج التغذية من بساطتها المادية، وتوسيعها لتشمل تركيبات متنوعة، والتوجه نحو الأغذية المعنوية المتطورة؛ بحيث تُستهلك بكل حواس الفرد ومشاعره. يُفضل التركيز على السوائل أكثر من المواد الصلبة، وعلى الغازات والهواء النقي والروائح العطرية أكثر من السوائل، ثم الانتقال إلى الأغذية المعنوية والروحانية لتعزيز القوة الروحية.
يمنح التنوع الغذائي طاقة عالية وقدرة امتصاص متميزة، مما يجعل الفرد قويًا ونشيطًا. إن التنوع يهيئ الجسد لامتصاص الطعام والاستفادة منه؛ بينما التغذية الأحادية أو الروتينية لا تُنتج حركة إيجابية، ولا تعزز الوعي الروحي. يمكن للتنوع الغذائي أن يحرر الإرادة، ويحفز الإبداع الفكري، ويفتح أمام الفرد مسارات جديدة لم يختبرها من قبل؛ فالمعرفة الحقيقية تتطلب نظامًا غذائيًا متنوعًا.
بدون تنظيم التنوع الغذائي، والالتزام بالتغذية الحلال، ومراعاة التوازن والاعتدال، لا يمكن الحديث عن وعي قلبي أو معرفة عميقة. إن غياب التنوع الغذائي يحرم الفرد من نعمة الحياة الطيبة، والراحة النفسية، وأعلى مستويات جودة الحياة التي تتسم بالمعرفة والاتصال بالظواهر المتنوعة والعوالم الروحية؛ كما أن الروتين الغذائي يؤدي إلى الإمساك واضطرابات الجهاز الهضمي.
يعزز التنوع الغذائي، باستخدام جميع المجموعات الغذائية الحيوانية والنباتية، مع التوازن بين الأطعمة المطبوخة والنيئة، وتناول الحلويات والمخللات حسب طباع الجسد، إلى جانب النشاط البدني المكثف والحركة السريعة، من قدرة الفرد على تجنب الركود الذهني، وبطء التفكير، واضطرابات وظائف الدماغ. إن الفرد الذي يتبع نظامًا غذائيًا متنوعًا يكون مؤهلًا لفهم أعمق الموضوعات، والتفكير بعمق دون السطحية.
يسهم التنوع الغذائي، إلى جانب الحفاظ على الصحة، في إكساب الوجه جمالًا ووقارًا، ويوفر أساسًا لحياة ممتعة وسلسة. على النقيض، يؤدي التكرار الغذائي إلى الإمساك، وتغير لون البشرة، وفقدان الجاذبية، مما يجعل الحياة أقل راحة وإشباعًا. إن الاعتياد على أطعمة متكررة يشبه فرض نظام غذائي قسري على الجسد، مما يسبب النفور والضيق.
الأطعمة المتكررة، مثل الخبز، والأرز، والمعكرونة، لا تدمر مظهر الجسد فحسب، بل تؤثر سلبًا على التفكير. وقد رفض النص مقولة الشاعر المولوي: «أيها الأخ، أنت كلك فكر، وما تبقى عظم وجذر»، معتبرًا أنها غير دقيقة؛ إذ إن العظام، والمعدة، والأمعاء، وكل خلية في الجسد مشبعة بالأعصاب، وتحمل وعيًا وإشارات خاصة. كل فكر، أو إدراك بصري أو سمعي، يمنح الفرد هوية وشكلًا مميزًا. وكما تختلف الأفكار والرغبات، تختلف الأطعمة المناسبة لكل فرد؛ مما يشكل مظهره وشخصيته.
يجب أن تكون أطعمة الفرد متنوعة لتحافظ على كماله ضمن التنوع البشري، وتجنبه الروتين الغذائي القسري. فالجسد قد ينفر نهائيًا من طعام يُفرض عليه، مما يصعب تصحيح هذا النفور واستعادة التوازن المناعي. إن الفرد الذي يعاني من اضطرابات هضمية أو جسد غير نظيف ينتج معرفة مشوهة وملوثة. وبحسب مبدأ التفكير الجماعي، يتأثر الفرد ببيئته، بما في ذلك طعامه، وملابسه، والآخرين، والمناخ؛ مما يشكل أفكاره وهويته.
إن الجسد غير الصحي ينتج معرفة غير صحيحة، ويولد الخرافات. فالمعرفة الملوثة قد تنبع من معدة ضعيفة أو جسد مريض. لذا، لا يمكن توقع خطاب علمي دقيق من جسد غير صحي. فالمعدة والدماغ هما مركزا البحث والمعرفة البشرية؛ مما يتطلب تخصيص وقت وجهد لضمان تغذية سليمة، لأن ذلك يعني استثمارًا في معرفة صحيحة وتفكير سليم.
لا يمتص الجسد الطعام إلا إذا كان متنوعًا، ويُقبل عليه المعدة برغبة ومحبة، دون إجبار. فالمعدة التي تفتقر إلى التنوع ترفض الطعام، لأنها تتلقاه في جو من النفور والسلبية. وهؤلاء الأفراد قد يميلون إلى الإفراط في شرب الماء أو المشروبات مع الطعام لتسريع التخلص من الأطعمة المتكررة. إن الطعام المتكرر، حتى لو كان نادر التحضير، لا تتقبله المعدة؛ مما يعيق هضمه وامتصاصه برغبة.
أنواع الأغذية
تنقسم الأغذية الأساسية إلى أربع مجموعات رئيسية، ويمكن تصنيفها إلى قسمين: مادية ومعنوية. تنقسم الأغذية المادية إلى ثلاث فئات: التوابل عالية الطاقة، والأطعمة كبيرة الحجم، والأغذية المعنوية. أما الأغذية المعنوية، مثل الصلاة والأذكار، فستُناقش بشكل مستقل.
1. الأغذية قليلة الحجم وعالية الطاقة
تشمل هذه الفئة الأطعمة مثل الخلطات الغذائية المغذية (التي تتكون من تركيبات غنية بالعناصر الحيوية)، والتوابل كالزعفران، والملح، والثوم، والبصل، ومختلف البهارات، إلى جانب الشاي، والعصائر، والوجبات الخفيفة. يجب تناول هذه الأطعمة يوميًا، مع مراعاة الاعتدال لتجنب الإفراط أو التفريط؛ إذ تساعد على تقوية الحواس، والمشاعر، والوعي.
تناول هذه الأطعمة النشطة يوميًا، بشرط الاعتدال، لا يسبب ضررًا للجسد؛ بل يساعد على تطهير المعدة من الفضلات والميكروبات، ويجدد شباب القلب، والمعدة، والأمعاء، والبشرة، وسائر الأعضاء. إن الإحجام عن تناول هذه الأطعمة، خاصة الخضروات والفواكه، يؤدي إلى تراجع طاقة الفرد، وضعف الجسد.
2. الأطعمة كبيرة الحجم ذات الطاقة العادية
تشمل هذه الفئة الأطعمة مثل الأرز، واللحوم، والخبز، التي يمكن تناولها بكميات كبيرة يوميًا بشكل معتدل. في نظام الرعاية الذاتية، من الضروري الاهتمام بهذه الأطعمة لأنها تبني بنية الجسد؛ مع تجنب الجوع المفرط أو الإفراط في الأكل.
تُعد هذه الأطعمة مناسبة بشكل أكبر للأشخاص ذوي النشاط البدني، مثل العمال، وليس للعاملين في المجالات الفكرية أو العلمية. في نظام الرعاية الذاتية، لا يُنصح باتباع نظام غذائي نباتي صرف أو الإفراط في الأطعمة المطبوخة، لأن كلاهما قد يضر الجسد. يُفضل تناول الفواكه، والخضروات، والأعشاب الصحية النظيفة بشكل خام وغير مطبوخ أو معلب.
لا ينبغي للفرد أن يفرط في تناول هذه الأطعمة، أو يحول معدته إلى مخزن للحوم، أو الأرز، أو الخبز، أو البقوليات بكميات تفوق حاجة الجسد. يجب دعم هضم هذه الأطعمة باستنشاق الهواء النقي، وممارسة الرياضة، لتحويلها إلى طاقة مفيدة. إن الإفراط في تناول هذه الأطعمة قد يؤدي إلى إدمان متعة الأكل؛ مما يشكل أساسًا لظهور الأمراض، وزيادة الاعتماد على الأدوية. مثل هذا الجسد يعجز عن اكتساب المعرفة، أو التفكير، أو البحث.
يؤدي الإفراط في هذه الأطعمة إلى إجهاد المعدة، والجهاز الهضمي، والكبد، وسائر الأعضاء؛ مما يسبب شللًا تدريجيًا، وضعفًا، وشيخوخة مبكرة، وقصر العمر. يستطيع الجسد امتصاص جزء محدود من طاقة الطعام، ويطرد الفائض، لكن كثرة عملية الإخراج تؤدي إلى إرهاق الأعضاء وتقدمها في العمر.
يسبب الإفراط في هذه الأطعمة عادة النوم على البطن، وضعف العمود الفقري؛ مما يجعل الجسد غير قادر على تحمل وزن الفرد أثناء النوم. يمكن الحد من استهلاك هذه الأطعمة عبر التنفس الصحي في الهواء النقي، وممارسة الرياضة، وتقوية الإرادة، وزيادة تناول الخضروات والسوائل، للتخلص من إدمانها. من الأمثلة على هذه الأطعمة الساندويتشات، التي لا تلبي احتياجات الجسد، وتُعد رغبة سطحية يمكن التحكم بها بتناول الماء، والسوائل، والخضروات بكثرة.
إن إدمان متعة الطعام يشبه إدمان جمع الثروة دون الاستفادة منها؛ حيث يصبح الجسد كوعاء ممتلئ لا يقبل المزيد. إذا تحولت المعدة إلى مستودع للطعام الوفير، فإنها ترفض استقبال المعرفة، أو الأحكام الدينية، أو العبادة. لا تحقق الصحة والقوة بالإفراط في تناول اللحوم والأرز؛ بل تصبح مرتعًا للميكروبات والأمراض.
كما أن الإفراط في استهلاك هذه الأطعمة يؤدي إلى تشبع الأسواق بمنتجات رديئة الجودة؛ مما يجعل المستشفيات عاجزة عن توفير طعام صحي للمرضى في أوقات الأزمات. إن الإفراط في تناول هذه الأطعمة من قبل الأثرياء، الذين يستهلكون ويحضرون كميات كبيرة، يُعد إهدارًا لحقوق المحتاجين، ويؤدي إلى انتشار الأمراض، والغرور، والحقد؛ مما يحرم الفرد من متعة الحياة وراحتها. إن تناول الطعام لمجرد المتعة يشبه الموت البطيء، ويُعد إدمانًا مشابهًا لتعاطي المخدرات أو الكحول. المتعة المرتبطة بقيمة غذائية هي القيمة؛ أما المتعة العقيمة فهي مصدر ضرر ومرض.
لا يعني الإفراط في تناول اللحوم تقوية الجسد أو تحسين صحته، ولا يُعد الإسراف فيها دليلًا على الرفاهية؛ بل هو مصدر ضرر وإرهاق للجسد. إن السلام النفسي والصحة لا تتحققان بالإفراط في الأكل؛ بل بالاعتدال والاكتفاء، وإلا أدى ذلك إلى اضطرابات عصبية ونفسية، وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض خطيرة كالسرطان.
3. الأغذية المعنوية
تشمل هذه الفئة الأغذية الروحية الدقيقة، مثل الفرح، والمرح، والاستمتاع بالأعياد الوطنية والدينية البناءة، مثل عيد النوروز، دون أي إفراط مضر، إلى جانب استنشاق الهواء النقي، والتمتع بالحب، والنجاح، وصفاء النفس، والأذكار، والإيمان، والتقرب إلى الله.
يوفر الاستخدام المتوازن لهذه الأغذية، إلى جانب الأغذية قليلة الحجم، أساسًا لنوم صحي ومريح، ويحقق التوازن للجسد في معظم الجوانب. إن التنفس في الهواء النقي، وشرب الماء النظيف، والترفيه، وممارسة الرياضة، تُعد أفضل وسائل الرعاية الذاتية للحفاظ على الصحة، والجمال، والسكينة. يُنصح ببدء اليوم بتناول السوائل، والتنفس العميق في الهواء النقي، وممارسة الرياضة الخفيفة يوميًا؛ لتطهير المعدة، وضمان إخراج فعال، ومنع تراكم السموم والميكروبات، والحفاظ على الجمال والتناسق الجسدي.
لا يمكن للجسد استيعاب الأغذية المعنوية دون تلبية احتياجاته المادية وتحقيق الصحة. ففي غياب التوازن الصحي، قد تكون الأغذية المعنوية ضارة كالسم. تشمل الأغذية المعنوية القيم مثل العدل، والشجاعة، والرحمة، والكرامة، والفرح، والرضا، والإيمان، والمعرفة، والشعائر الدينية، خاصة الصلاة والسجود، اللذين يعبران عن أعلى درجات التقدير لله، إلى جانب الأذكار القرآنية، وقراءة القرآن، والتقرب إلى الأولياء، وحتى الاستفادة من عناية الله.
إن التقرب إلى الله يمنح الفرد طعمًا إلهيًا، وقوة، وسلطانًا. فمن يتغذى من الله عبر التقرب إليه يصبح قويًا، متسع الأفق، يتمتع بالهمة، والصفاء، والتحرر من الأمور الدنيوية. أما من يفتقر إلى هذه العناية، ولا يستفيد من مصادر الطاقة كالصلاة والسجود، فيظل أسير الضعف، والقلق، وتشتت الانتباه، وانخفاض الذكاء، وقلة الإنجاز. إن عبادة الله تمنح الإنسان القوة، والثبات، والكرامة، والمناعة الروحية.
تنوع الغذاء وتناسبه مع طباع الفرد
ينبغي لكل فرد أن يختار غذاءً يتناسب مع طباعه الجسدية والنفسية، وأن يتناول ما يلائم احتياجاته الخاصة، بدلاً من أن يُفرض عليه طعام موحد يُحضَّر لجميع أفراد الأسرة على يد الأم، أو الزوجة، أو الطباخ. إن تخصيص غذاء خاص بكل فرد يُعد جزءًا أساسيًا من الرعاية الذاتية، التي تقتضي أن يتمتع كل شخص بحرية اختيار طعامه بعيدًا عن أي إكراه. إن فرض نظام غذائي موحد على أفراد الأسرة، أو إلزامهم بنمط لباس معين، يُعد شكلاً من أشكال الاستبداد والتحكم الذي يناقض حرية الفرد.
إن العيش في بيئة مشحونة بالتوتر الناتج عن القمع، والتوجهات الأحادية، وغياب التنوع في الغذاء أو اللباس أو السلوكيات، يُقلِّص من عمر الإنسان، ويُسرِّع ظهور علامات الشيخوخة كالشيب. قد يكون الفرد الذي يمارس هذا النوع من الأحادية عرضة لاضطرابات نفسية، مثل الشعور بالنقص، أو التلوث الفكري، أو المشكلات المعرفية، أو الخوف والجبن. وبالمثل، فإن الطفل الذي تُحدَّد اختياراته في تسريحة شعره، أو ملابسه، أو ألوانها من قِبل والديه، يُفقَد تدريجيًا قدرته على تكوين ذوقه الخاص، وتنمية مهارات النقد، والتمييز، والإبداع. لذا، يجب تجنب فرض أي شيء على الآخرين.
طباع الإنسان الحرة لا تقبل الإكراه؛ فهي تميل إلى التفاعل بحب وشغف مع كل ما يحيط بها، من الحجر إلى اللؤلؤ. ومع ذلك، يرحب الإنسان بالنصح والإرشاد المقدم في إطار حر وودود، معتبرًا إياه تعبيرًا عن المحبة والرعاية.
تناسب الغذاء مع الطباع والاحتياجات الفردية
يجب أن يتماشى الغذاء مع طباع الفرد وخصائصه الجسدية والنفسية، وأن يتناسب مع عمره، ومستوى رزقه، واحتياجاته الفريدة، ليكون متنوعًا وملائمًا لكل شخص على حدة. هذا التناسب يُسهم في بقاء الفرد وتطوره الشامل. التغذية، في إطار الرعاية الذاتية، ينبغي أن تكون صحية وطبيعية، وأن تُستهلك بتركيز وانتباه يشمل الحواس الظاهرة والقلب الباطن، لتحقيق العدالة للغذاء. يتعين على الفرد أن يختار طعامه بنفسه وفقًا لاحتياجاته الطبيعية، دون الاعتماد على وسيط، مثل الزوجة أو المعالج، قد لا يدرك تمامًا طباع جسده.
الغذاء المناسب للطفل، أو لأي فرد، هو ما يتناوله برغبة ومحبة. لا يجوز إكراه الطفل على تناول طعام محدد؛ إذ إن ذلك قد يُنشئ لديه نفورًا واضطرابات نفسية. على المجتمع أن يعزز استهلاك أنواع اللحوم الحلال المتنوعة، سواء من الحيوانات البرية، أو البحرية، أو الطيور، أو الحيوانات الرعوية، مستفيدًا من خصائصها العلاجية. فكل حيوان يحمل فائدة علاجية محددة، وتناوله يشبه تهذيب شجرة، مما يعزز الإنتاج الصناعي ويوفر مبررًا اقتصاديًا لتربيته.
الأحادية الغذائية، خاصة إذا اقترنت بالإجبار والإصرار على تناول طعام معين، تُولِّد الاضطرابات النفسية، والنفور، وحتى الغثيان. إن إجبار حيوان على تناول غذاء معين، حتى لو كان عالي الجودة، قد يُسبب له عقدًا نفسية، ويؤثر استهلاك لحمه على صحة الإنسان. على سبيل المثال، تناول لحوم الحيوانات البرية، مثل الأسد أو النمر، أو الحشرات، أو القاذورات، قد يمنح طاقة وقوة مضاعفة، لكنه قد يُفضي إلى القسوة، وفقدان الصفاء الروحي، والسعادة الأخروية.
النشاط البدني المكثف والحركة الرياضية تُعزِّزان قدرات الفرد وتُنمِّي مواهبه. فالذي يكثر من النوم، أو يظل ساكنًا، حتى لو لم يكن بطيء الذهن، يُصاب بالكسل الفكري. أما الطفل الذي يستيقظ مبكرًا ويمارس الحركة، فإنه يتخلص تدريجيًا من الكسل الذهني. كما أن التنوع في المنتجات الصناعية وصناعة الأزياء يُعد من عوامل نجاح الاقتصاد وتطوره.
في الطبيعة، تتغذى الذبابة على فضلات الإنسان، ويتغذى الطاووس على الذباب. فضلات الإنسان، التي تحمل تنوعًا غذائيًا، تُسهم عبر هذه السلسلة في إضفاء الجمال على الطاووس. هذه الفضلات تُعد غنية بالعناصر المغذية للنباتات والأشجار. على النقيض، فإن الأحادية الغذائية لدى الإنسان تُسبب الشيخوخة المبكرة، وتشوه الوجه، واليأس، والإحباط. عيون الفرد الذي يفتقر إلى التنوع الغذائي تعكس علامات الضعف والإرهاق. كما أن غياب التنوع يجعل الأمعاء بيئة خصبة للديدان الطفيلية، التي قد تُعيق وظائف الدماغ، وتُسبب ضعف التحصيل الأكاديمي، والإرهاق، وفقدان الشهية، والإمساك. هذه الديدان، التي تتسم بالتنوع، قد تعمل بصمت دون ظهور أعراض واضحة، وتؤثر على امتصاص البروتين، مما يُضعف الدماغ ويُسبب اضطرابات في التركيز، والذاكرة، والتعلم. التنوع الغذائي، وتناول الماء البارد على الريق، يُعدان من أفضل الوسائل للحد من نشاط هذه الطفيليات.
باستخدام علوم الكيمياء، يمكن صهر الحديد أو الحجارة، واستخلاص جوهر الحياة منها تحت ظروف معينة. تناول قطرة يومية من هذا الجوهر قد يُطيل العمر لمئات السنين، مما يُشير إلى أن أصحاب الأعمار الطويلة قد يمتلكون وصفات غذائية خاصة تختلف عن المألوف.
تشمل الرعاية الغذائية مراقبة الطعام قبل تناوله وبعد هضمه. ينبغي فحص البول والبراز بعين طبية لملاحظة أي علامات صحية، لتجنب إخضاع الجسد لضغوط النظام الغذائي القسري. ولتحقيق هذا الهدف، يُوصى بإجراء فحوصات دورية للبول، والدم، وغيرها من الاختبارات الطبية اللازمة.
تناسب الغذاء مع طبيعة العمل
تختلف احتياجات التغذية باختلاف طبيعة العمل، سواء كان خفيفًا أو شاقًا. فرض نظام غذائي موحد على مهن متنوعة يُلحق الضرر بالجسد. فالعاملون في المجالات العلمية يحتاجون إلى أطعمة خفيفة تُقلل الضغط على المعدة، لتمكين الدماغ من استهلاك الطاقة بكفاءة، دون الوقوع في الكسل أو الإرهاق. أما العاملون في الأعمال الشاقة، كالبناء، فيحتاجون إلى أطعمة دسمة تُطيل شعورهم بالشبع. إهمال هذا التناسب يُضعف القدرات المعرفية، والذاكرة، والإدراك، مما يجعل الفرد عاجزًا عن استيعاب أبسط المسائل دون تكرار مستمر.
يقول الله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: 19].
تُشير هذه الآية إلى أهمية العمل كأساس لتناول الطعام؛ فمن لا يعمل ولا يستهلك من جهده، يأكل من حق الغير. كما أن عدم الحركة البدنية مع تناول الطعام يُفسد الجسد ويُمرضه. احتياجات التغذية للأعمال الشاقة تختلف عن تلك الخاصة بالمهن قليلة الحركة، التي تتطلب أنظمة غذائية خفيفة.
يجب أن يتناسب الغذاء مع مستوى النشاط البدني. فمن يمارس نشاطًا يوميًا كثيفًا يحتاج إلى طعام أكثر خلال النهار، بينما من ينشط ليلاً يتطلب تغذية ليلية أكبر. التغذية المتوازنة والمتناسبة مع النشاط تُعزز جودة الحياة، والصحة، والجمال، وطول العمر، وتقوية الحواس.
إن معيار الغذاء يكمن في عمل الفرد؛ فالعمل يمنح التغذية نظامًا طبيعيًا. ينبغي لكل فرد أن يتناول مما يكسبه وفق طباعه، وإلا لن يُشبع طعامه حاجته، ولن يشعر بالاكتفاء النفسي. تناسق العمل والغذاء وغيرهما من شؤون الحياة يُمكِّن الفرد من الاستفادة من موارده بنظام طبيعي، مما يُحوِّل الطعام إلى نعمة تُحقق الرضا والسكينة. أما الاستهلاك المجرد، حتى في ظل وفرة الموارد، فيُولِّد القلق ويُفقد الثروة قيمتها كنعمة.
ينبغي أن يتناسب الغذاء مع طبيعة المهنة. فالباحث العلمي، الذي يعتمد على النشاط الذهني، يحتاج إلى تناول أطعمة خفيفة مثل الزعفران والفستق، وليس اللحوم أو الأرز التي تُثقل المعدة. أما العامل اليدوي فيحتاج إلى أطعمة دسمة كاليخنة لتعزيز قوته البدنية. كذلك، يُنصح من يعاني من ضعف الظهر بتجنب الفستق، بينما يُفضل لمن يتمتع بظهر قوي تناول التفاح.
التغذية الملائمة، مثل الصلاة التي تُعد غذاءً روحيًا، تُسهم في تعزيز الجمال والجاذبية. الجسد الذي يحافظ على جماله من خلال الرياضة، والتغذية المناسبة، والغذاء الروحي، وتجنب الحرام، لا يحتاج إلى تدخلات تجميلية لإبراز جاذبيته.
امتصاص الغذاء عبر الحواس
تعتمد قدرة الجسد على امتصاص الغذاء على عوامل متعددة، تشمل طبيعة الطعام، وخصائصه، وشخصية الفرد، وحالته الصحية أو المرضية، وقوته أو ضعفه، ومدى تناسبه مع الطعام. سرعة امتصاص الغذاء وقدرة الخلايا على التجدد تُحافظ على قوة الجسد، ونشاطه، وشبابه. الانتباه إلى لون الطعام وملمسه أثناء تناوله، والأكل بوعي، يُحسِّنان الهضم ويزيدان من متعة التغذية. الأكل الواعي، المدعوم باليقظة الذهنية، يُعزز كفاءة الهضم.
يُلاحظ أن العين وحاسة البصر تلعبان دورًا هامًا في استقبال الطعام وتهيئ الروح لتناوله. فالنظر إلى الطعام بشهية وتقدير قد يُحسن من عملية الهضم والاستفادة منه. من خلال النظر إلى الطعام والأمور المعنوية في بيئة خالية من التوتر والقلق، وبكميات قليلة، يمكن للفرد اكتساب الطاقة والقوة اللازمتين. هذا يُفسر العلاقة بين الذكاء وكمية الطعام؛ فالأذكياء يميلون إلى استهلاك كميات أقل. تناول الطعام في بيئة هادئة خالية من المشتتات يُقلل التوتر ويُحسِّن العلاقة مع الطعام، حيث تُسهم الأجواء الهادئة في خفض هرمونات التوتر.
الغذاء الممتص يتحول إلى خيال، وعقل، ووعي باطني، يُشكِّل هوية الفرد العقلية والقلبية. هذا الغذاء، عندما يُصبح جزءًا من جوهر الفرد، يبقى معه أبدًا، كالذكر القلبي، ويُحدد جودة حياته الأبدية. ينبغي أن يكون الطعام حلالاً، طيبًا، جميلاً، نظيفًا، وممتلئًا بالعظمة والرائحة الطيبة، ليمنح الارتقاء، والطاقة، والمتعة. لذا، الحلال هو الشرط الأول ليكون الطعام مصدرًا للطاقة واللذة.
الحالة النفسية أثناء تناول الطعام تُؤثِّر على شخصيته. فمن يتناول طعامه بحب وصفاء، أو بانتباه للأمور الروحية، يختلف عن من يأكل بنية التفوق أو الشعور بالنقص. الإنسان، بوعيه الذهني وجوهره الباطني، يتفاعل مع الطعام، إما بامتصاصه أو رفضه. فمن يكره نوعًا من اللحوم، لا يستطيع الانتباه إليه أو امتصاصه. قوة الفرد تتوقف على جودة الغذاء الذي يتناوله.
العين، تليها حاسة الشم، ثم المعدة، هي الأجهزة الرئيسية لامتصاص الغذاء. النظر إلى كأس خمر يُعادل شربه في تأثيره على الروح، ويجعل الطعام الحلال الموضوع بجواره محرمًا. نظر المصلي إلى غير المصلي يُثقل روحه ويُفقده نشاط الصلاة، كما أن النظر إلى معاند الحق يُولِّد الشك والتلوث الروحي.
العين لا تمتص الأطعمة التقليدية فحسب، بل تنقل طباع الآخرين إلى ذهن وقلب الفرد. لذا، يجب النظر إلى الأطعمة والفواكه جيدًا قبل تناولها، لأنها تغذي الجسد والروح. الطعام يصل إلى الروح عبر العين أسرع من المعدة. ينبغي تأمل الطعام بالعين، واستنشاق رائحته، قبل البدء بتناوله، وإلا فإن الروح لن تستفيد منه. هذا يُشبه الشعور بالدفء عند النظر إلى النار، الذي يفوق الشعور بها دون رؤيتها، لتفوق حاسة البصر في نقل المعاني.
مثال ذلك، المدمن الذي يشعر بالإشباع بمجرد النظر إلى المخدرات قبل تعاطيها، دون اهتمام بالأطعمة التقليدية. النظر المستمر إلى زهرة يُلطِّف طباع الفرد، بينما النظر إلى الخمر يُصيب الجسد بأضراره.
الانغماس في الغذاء
يُفعَّل نظام الرعاية الذاتية للغذاء عندما يتأمل الفرد طعامه بعناية قبل تناوله، فيُقيم معه علاقة ودية، ويتواصل معه بصريًا. هذا التواصل يُمهد للمعدة والجسد لاستقبال الطعام بحب، فتتغذى الروح وتشعر بالإشباع. العين والقلب يُشبعان من الطعام، فيحصل الفرد على المتعة والرضا. أما التسرع في الأكل، أو الإفراط، فيُعدان مرضًا نفسيًا يظهر أولاً في الروح.
العين قادرة على استهلاك الطعام بالنظر الدقيق، مستمتعة به. أفضل استهلاك للغذاء يحدث عندما ينغمس الفرد في تناوله، مُركِّزًا كل اهتمامه على الطعام. كلما زاد الانغماس، زادت فرص إطالة العمر. الانغماس في الطعام يتيح تذوق ألوان ونكهات الكون، مرتبطًا بالوعي اللامحدود للإنسان القادر على استهلاك كل شيء.
قوة النظر تتجاوز تأثير الهواء في نقل الطعام إلى الجسد والروح. نظرة واحدة قادرة على تغيير هوية الفرد، متأثرةً بانعكاسات باطنية. كما أن بعض الأمراض المعدية تنتقل عبر الهواء، فإن الاضطرابات النفسية والأخلاقية قد تنتقل عبر النظر، مُصيبةً الفرد بتأثير لحظي.
استنشاق رائحة الطعام بعد تأمله يُعزز امتصاصه، بينما تعتمد المعدة على تأثير أقل. من يهمل النظر إلى طعامه واستنشاق رائحته، يُهدر معظم فائدته، ولا يمتلكه بالكامل.
يُستحب تجنب الحديث أثناء الأكل، ليتسنى للعين تأمل الطعام بعناية، وتسليمه إلى نظام الرعاية الذاتية. هذا النظام يُدرك جوهر الطعام، وهو أهم من مادته، ويربطه بالجسد. من يتحدث باستمرار أثناء الأكل، أو يشاهد التلفاز، يُدخل مع الطعام أفكارًا وصورًا تُربك المعدة، وقد تُسبب أحلامًا مضطربة، كرؤية المقابر، أو الاحتجاز في أماكن ضيقة.
يقول الله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ﴾ [عبس: 24].
تُحث هذه الآية على التأمل الدقيق في الطعام، بعناية وتركيز، لتسليمه إلى نظام الرعاية الذاتية بطريقة منهجية، ثم تناوله بإرادة واختيار يتناسب مع طباع الفرد. التأمل في الطعام يشمل تحليل جودته، وآثاره، وخصائصه، والتفاعل معه بحب وصفاء، بعيدًا عن الطمع والتسرع.
العين قادرة على تحويل الطعام المادي إلى جوهر روحي في لحظة، قبل وصوله إلى المعدة، مُغذيةً الذهن، والذاكرة، واللاوعي. لذا، يأتي النمو الروحي بشكل رئيسي من النظر، والوعي الذهني، والقلبي، والألوان المحيطة.
تغذية العين بالألوان
بعض الأطعمة الملونة تُعد للنظر وليس للأكل، حيث يستهلكها الجسد عبر البصر. يُلاحظ في بعض الثقافات، مثل الهند والصين، الاهتمام بتقديم موائد ذات ألوان متنوعة يُنظر إليها لأغراض جمالية وروحية. ليس الجسد والمعدة وحدهما بحاجة إلى التنوع، بل كل عضو يتطلب غذاءً خاصًا. العين تحتاج إلى رؤية الوجوه المحبوبة، والقرآن الكريم، والألوان المبهجة. والأذن تتغذى بالصوت القرآني، وحوار الأحبة، والموسيقى المُلائمة.
لكل لون تأثير مختلف على العين، التي تتغذى منه، مُضيفةً وعيًا خاصًا للذهن. العين تتطلب تنوعًا في الألوان الزاهية لتحافظ على نضارتها وتُعزز إبداع الفرد، مُجنبةً إياه الاكتئاب وضعف الأعصاب. الألوان الزاهية، كالأبيض، والكريمي، والليموني، تُقوِّي الأعصاب وتُعزز صفاء الروح. بينما الألوان الداكنة تُسبب اضطرابات نفسية، كالوسواس، واليأس، والقلق. اللون الأحمر، كونه محفزًا، قد يُضعف الأعصاب إذا استُخدم بكثرة.
في السياسة، كما في التغذية، يتطلب الاستمرار والتجدد تنوعًا في الموارد والبرامج، لتجنب الركود وإثارة اهتمام الناس.
التفاعل العاطفي مع الغذاء
الطعام الذي يُتناول بحب وانتباه، ويكون رزقًا خاصًا بالفرد، يُولِّد أعلى درجات الصفاء والمحبة. على العكس، إهمال الطعام أو إهداره يُعد إساءة إليه، مما ينعكس سلبًا على المتناول. على سبيل المثال، الخبز الجاف المهمل، الذي يُستخدم لإطعام الماشية، قد يُنتج ألبانًا تُسبب أضرارًا صحية. أما الطعام الذي يُحترم في تحضيره ويُتناول بحب دون طمع، فيمنح متعة حقيقية، ويُمتص بسهولة ومحبة. الطعام، والماء، والهواء قادرون على التفاعل عاطفيًا، واستشعار حب من يتناولهم.
ينبغي تجنب التسرع في تناول الطعام. الطعام الذي يُؤكل دون انتباه، أو بحزن، أو غضب، يتحول إلى مصدر ضرر، مُرهقًا الجسد والروح، وقد يدفع الفرد إلى اللجوء إلى الأدوية أو مصادر طاقة زائفة. التأمل في الطعام، والتفاعل معه بحب ونشاط، يُحقق الانغماس فيه، مُجنبًا الجسد أي تأثيرات سلبية، ومُعززًا امتصاصه بكفاءة.
دور العين في امتصاص الغذاء الروحي والمادي
يؤكد نظام الرعاية الذاتية الطبيعية أن العين تمتلك قدرة فائقة على امتصاص الغذاء وتحويله إلى طاقة باطنية، نظرًا لارتباطها المباشر بالقلب والروح. فكل ما يُرى بعناية وتركيز يُمتص في لحظة الرؤية، ويُنقل إلى الجوهر الباطني للإنسان عبر العين، على عكس الطعام المادي الذي تتولى المعدة هضمه في عملية تستغرق وقتًا طويلًا حتى يتحول إلى طاقة حيوية.
إذا لم يتأمل الفرد طعامه بعينيه أولًا، ولم يُشبع ذاكرته وإرادته وقلبه بالنظر إليه بعناية، فإن المعدة وحدها لا تستطيع إشباع الجسد والروح بالتناول المجرد. فالإهمال في تأمل الطعام، أو الانشغال بأمور أخرى، أو ضعف الذاكرة، قد يُبقي الروح في حالة جوع باطني، مما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية.
يقول الله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ﴾ [عبس: 24].
تُشير هذه الآية إلى أهمية تأمل الطعام بعناية، ليس فقط لتقييم جودته المادية، بل لإدراك دوره كغذاء للروح. فالعين تمتلك قدرة خارقة على اختراق الظواهر، وكل ما يُرى يمكن أن يصبح غذاءً للنفس، سواء كان طعامًا ماديًا أو معنويًا. فالنظر إلى الخيرات يزرع الخير في النفس، بينما التركيز على عيوب الآخرين قد ينقل تلك العيوب إلى الذات، فيظهر في الفرد ما رآه يومًا في غيره.
إن من يركز على عيوب الآخرين ويحتقرهم بسببها، يُعرّض نفسه للابتعاد عن رضى الله. أما من يرى الخيرات في الناس ويزداد إعجابًا بهم، فهو في طريق النمو الروحي والتقرب إلى الله. إن النظر يؤثر على الطباع؛ فالتأمل المستمر في الماء يخفف من حدة الطباع، والنظر إلى الخضرة، أو الجمال، أو العلماء الأتقياء، أو آيات القرآن الكريم، يُلين القلب ويُزيل قسوته. وعلى العكس، فإن إهمال تغذية العين بالمشاهد اللطيفة يُقسي القلب ويُكسب الفرد طباعًا خشنة.
النظر المستمر إلى شخص ما يجعل الرائي يتشبه به تدريجيًا، سواء كان ذلك الشخص زنديقًا أو وليًا صالحًا. فالإنسان يتغذى روحيًا من خلال عينيه، ويُصبح شبيهًا بمن يُطيل النظر إليه. لذا، ينبغي الحذر من مصاحبة من لا يمتلكون القيم الإلهية، والحرص على الارتباط بمن يحملون الحكمة والصلاح.
تأثير سوء التغذية على العين
تحتاج العين إلى تغذية خاصة عبر الرؤية المناسبة، لتحافظ على حيويتها وجمالها. فالنظر إلى المشاهد الجميلة والملهمة يُضفي على العين الإشراق والشفافية، ويجعلها قادرة على التفاعل مع الجمال الإلهي. أما سوء التغذية، سواء المادية أو الروحية، فيؤدي إلى انكماش الجفون وظهور التجاعيد حول العينين. فالكثير من التجاعيد ناتج عن عادات غذائية سيئة، يمكن معالجتها بتناول الخضروات الطازجة التي تُنشط الجهاز الهضمي وتُحسن صحة العين.
التغذية الغنية بالفيتامينات، مثل فيتامين أ، والمواد المضادة للأكسدة، ضرورية لصحة العين. فالنقص في هذه العناصر قد يُسبب جفاف العين أو مشكلات بصرية أخرى. لذا، يُوصى بتناول الخضروات الورقية والفواكه للحفاظ على رطوبة العين ووظائفها.
أهمية وجبة الإفطار
تُعد وجبة الإفطار أساس الصحة الجسدية والعقلية، فهي بمثابة الركيزة التي تُثبت الجسد في مواجهة التحديات والأمراض. ويُعبر عن أهميتها بمقولة شائعة تشير إلى أنها أساس قوة الجسم ومناعته. من يهمل الإفطار يُعرض جسده للاستنزاف، مما يؤدي إلى ضعف الذاكرة، وانخفاض التركيز، وحتى الإصابة بالنسيان المبكر. والمداومة على إفطار صحي ومفعم بالحيوية تُساعد على الوقاية من أمراض مثل الزهايمر.
يُستحسن البدء بمشروب خفيف، كالماء أو الشاي، لتجنب إرهاق المعدة والأعصاب في الصباح. فتناول الأطعمة الثقيلة مباشرة قد يُسبب ضغطًا على الجهاز الهضمي ويُؤدي إلى تمزق الشعيرات الدموية الدقيقة، رغم قدرة الجسد على إصلاحها. إفطار متوازن يحتوي على البيض، والخبز الكامل، والفواكه، يُعزز الطاقة الصباحية ويحسن التركيز.
دور الوجبات الخفيفة في الصحة الروحية
الوجبات الخفيفة ضرورية للصحة الروحية والنفسية، إذ تُحضّر الجسد والروح للأنشطة الروحية مثل الذكر والعبادة. بعكس بعض الأنظمة الزهدية التي تتبناها بعض الثقافات، والتي تفتقر إلى اللذة وتُرهق الجسد، فإن نظام الرعاية الذاتية يدعو إلى الاعتدال واللطف. تناول وجبات خفيفة مثل الشاي، أو العصير، أو الفواكه كالعنب، أو البرقوق المجفف، يُنعش الروح ويُهيئها للتفاعل مع المحبة والصميمية والمعرفة.
هذه الوجبات تُسهم في تهيئة النفس للعبادة، فالصلاة أو الذكر بعد تناول وجبة خفيفة يكون أعمق تأثيرًا وأكثر جودة. كما أن تناول المكسرات والفواكه المجففة يُوفر طاقة مستدامة، ويُساعد على استقرار مستويات السكر في الدم.
أهمية الخضروات في التغذية
تُشكل الخضروات ركنًا أساسيًا في نظام الرعاية الذاتية، إذ تُزود الجسد بالماء، والفيتامينات، والبروتينات الضرورية. فالخضروات تُعزز الذكاء، وتُثبت الذاكرة، وتُطيل العمر، وتُساعد على الشعور بالشبع، مما يُسهم في الوقاية من السمنة. تنوع الخضروات ضروري لتلبية احتياجات الجسد، وإهمالها يُسبب جفاف الجلد والشعر، ويُضعف جذور الشعر.
الخضروات الورقية، مثل الخس والكرنب، تُنظف المعدة والأمعاء، وتُسهل عملية الإخراج. ويُعد عدم تناول الخضروات والفواكه بمثابة ضرر تراكمي يُشبه تدخين التبغ، إذ يُؤدي إلى تدهور تدريجي للصحة. تناول الألياف العالية، كالخضروات والفواكه، والمشروبات الملينة مثل اليانسون، يُحسن الهضم ويُقلل السموم ويمنع الإمساك.
بعض الخضروات، مثل الريحان والتره والفجل، تُعزز الصحة، بينما يُفضل تجنب الخضروات التي تُسبب انتفاخًا أو تُضعف الجسد، مثل النعناع والجرجير. كما تشمل الخضروات الأعشاب البرية والأزهار، التي تُستخدم طازجة أو مجففة، وتُعد مصدرًا غنيًا بالعناصر الغذائية. الأعشاب البرية تُقوي الجسد وتُطهره، وتُستخدم كغذاء ودواء، خاصة إذا كانت طبيعية وخالية من التدخلات الصناعية.
تأثير الأعشاب البرية على الصحة
تتميز الأعشاب البرية والأشواك بقيمتها الغذائية والعلاجية، إذ تُقوي الجسد وتُطهره من السموم. فالحيوانات التي تتغذى على الأعشاب الطبيعية تتمتع بمناعة أقوى، لأن هذه الأعشاب تُطهر أجسامها من الميكروبات. وبالمثل، فإن تناول الأعشاب البرية، سواء طازجة أو كمشروبات، يُقلل رائحة الجسم الكريهة، ويُحسن وظائف المعدة، ويُطيل العمر.
على عكس الحيوانات، لا يستطيع الإنسان استخدام لسانه لتطهير الجروح، لأنه ليس عاشبًا بطبعه. لكن الأعشاب والأشواك تُساعد على تطهير المعدة والجسد، مما يجعلها عنصرًا أساسيًا في التغذية الصحية.
الخبز ودوره في التغذية
يُعد الخبز عنصرًا لا غنى عنه في النظام الغذائي، خاصة الخبز الكامل مثل خبز السنكك الذي يُحضر بطريقة تقليدية. فخبز الشعير الكامل يُقوي العضلات ويُعزز مقاومة الجسد، بشرط تناوله مع الخضروات والفواكه لتجنب الإمساك.
لكن الخبز المحضر من القمح المخزن بشكل غير صحي، أو المضاف إليه كميات كبيرة من الملح، قد يُسبب مشكلات صحية مثل السكري أو اضطرابات نفسية كالنرجسية. كما أن الإفراط في تناول الخبز يُؤثر سلبًا على البشرة، فيُسبب بهتانها وظهور الهالات السوداء تحت العينين، ويُرهق المعدة.
يُوصى بالتوقف عن تناول الخبز والأرز لمدة أسبوع أو اثنين بشكل دوري، وزيادة استهلاك الخضروات والألبان الصحية بدلاً منهما. ومن الأطعمة اللطيفة التي تُناسب الجميع، مزيج الخبز اليابس مع اللبن والخضروات مع قليل من الملح، دون خلط الخضروات باللبن، فهذا المزيج يُضفي صفاءً على الجسد ويُقويه.
آداب تحضير الأرز والحساء
تحضير الأرز يتطلب مراعاة آداب خاصة، إذ يُعتقد أن الأطعمة تمتلك حياة ووعيًا. فعند غلي الأرز، يجب تجنب استخدام الملعقة لتقليبه، لأن ذلك قد يُكسر حباته ويُسبب له “الصدمة”، مما يؤثر على جودته وقد يُسبب القلق النفسي لمن يتناوله. بدلاً من ذلك، يُمكن إضافة ماء بارد للتحريك.
عند وضع الغطاء لتدخين الأرز، يجب أن يتم ذلك بانتظام، وتجنب رفعه فجأة، لأن ذلك قد يُفسد الأرز. الطبقة الوسطى من الأرز، خاصة القاع، هي الألذ والأغنى بالنكهة. الأرز غير المحلي، مثل الأرز الهندي، قد يُسبب تهيج الأعصاب إذا لم يكن متوافقًا مع طباع سكان المنطقة، بينما الأرز المحلي يُساعد على تطهير الكلى.
تناول الأطعمة المستوردة من مناطق بعيدة قد يُقلل العمر، حتى لو كانت مُستساغة. كما أن الأطباق التي تجمع عدة أنواع من البقوليات، مثل الحساء، تُعد ثقيلة على المعدة مقارنة بالخبز أو الأرز.
منتجات الألبان
الألبان الصحية المحضرة وفق معايير النظافة ضرورية في النظام الغذائي. لكن الألبان الملوثة بالفضلات أو المحضرة في ظروف غير صحية قد تنقل الأمراض إلى الإنسان إذا لم تُعالج بالغلي المناسب. كما أن إضافة الملح بكثرة إلى الأجبان تُضعف البصر.
الألبان المخمرة، مثل اللبن، تُحسن بيئة الأمعاء، وتُعزز امتصاص الفيتامينات، وتُقوي العظام. لذا، يُوصى بتضمينها في النظام الغذائي بشكل منتظم.
نخاع العظام
يُعد نخاع عظام الحيوانات، مثل الغنم والإبل والبقر، غذاءً لطيفًا يتميز بالنقاء والقيمة الروحية. فهو يحتوي على تركيز عالٍ من العناصر الغذائية التي استهلكها الحيوان لإنتاجه، مما يجعله غذاءً مقويًا يقارب التجرد. كذلك، فإن لحم العضلات يتميز بالنقاء واللطافة. لكن الإفراط في تناول اللحوم قد يُسبب قسوة القلب.
يُمكن تحضير مرق العظام كوجبة إفطار مغذية، مع إضافة توابل صحية مثل البصل أو عصير الليمون لمن يعانون من ارتفاع الكوليسترول. ويُوصى به بشكل خاص للنساء الحوامل في الشهرين الأخيرين لتعزيز صحة الجنين.
منتجات البقر
يُفضل تجنب منتجات البقر، مثل الحليب واللحم، نظرًا لما يُعتقد أنها تفتقر إلى الوعي العالي مقارنة بغيرها من الحيوانات. فالبقر قد يُفرط في الأكل حتى الموت إذا لم يُقيد، مما يجعل منتجاته تُسبب الخمول، وضعف البشرة، والشيخوخة المبكرة. ومع ذلك، فإن لحم البقر الخالي من الدهون يُوفر بروتينًا عالي الجودة يُساعد على بناء العضلات.
لحم الدجاج
تتميز اللحوم مثل الدجاج والبيض بطاقة باطنية تتفوق على منتجات البقر. لكن الدجاج الصناعي المربى بالهرمونات قد يُسبب تساقط الشعر وضعف الذاكرة، نظرًا لظروف تربيته القاسية. أما الدجاج المربى في بيئة طبيعية وصحية، فهو مصدر بروتين قليل الدهون يُعزز الطاقة.
منتجات الإبل
يُعتبر حليب الإبل بديلاً ممتازًا لحليب البقر، إذ يُقوي المناعة، ويُحسن الهضم، ويُنعش الروح. كما يُستخدم بول الإبل، إذا كان نقيًا، في بعض العلاجات التقليدية، حيث يُبرد بالثلج ويُضاف إليه عصير الليمون لتحسين رائحته. يُقال إنه يُعزز القوة البدنية بعد أشهر من الاستخدام، ويُستخدم لتقوية البصر لدى العاملين في المناجم أو الكهوف.
دهن سنام الإبل يُعد مسكنًا طبيعيًا لآلام المفاصل والتهاب العروق، وهو نقي تمامًا بعكس دهن الأغنام الذي يحتوي على الماء.
المخللات
تناول المخللات باعتدال يُطهر المعدة من الميكروبات ويُقوي الجسد. فالمواد الحامضية، مثل الخل وعصير العنب والليمون، تُحلل الدهون وتُطهر الجسم. لكن المخللات عالية الملح تفقد قيمتها، لذا يُفضل تحضيرها منزليًا بملح قليل.
تناول عصير الليمون أو البرتقال يوميًا يُحافظ على الصحة، ويُزيل الخمول، ويُنشط الجسد. والمخللات تمنع هشاشة العظام وتُحافظ على الشباب. أما الإفراط فيها فقد يُضعف الأعصاب، وهي غير مناسبة للحوامل لتأثيرها على الجنين.
السوماك الطبيعي، وهو توابل حمراء ذات طعم حامض، يُعزز المناعة، ويُقلل الالتهابات، ويمنع هشاشة العظام. لكنه قد يُسبب حساسية لبعض الأشخاص أو يتداخل مع أدوية معينة، لذا يُنصح باستشارة الطبيب.
الحلويات
تناول الحلويات دون موازنة مع المخللات يُسبب الخمول وتراكم السموم في الأمعاء والأعصاب، مما يؤدي إلى السمنة. لذا، يجب تناولها باعتدال وموازنتها مع الأطعمة الحامضية.
الملح
الملح، رغم فائدته في تطهير الجسد، يُصبح ضارًا إذا أُسيء استخدامه. فالإفراط فيه يُسبب تساقط الشعر، وهشاشة العظام، والإمساك، ويُحوله إلى سم خطير. مرضى السكري يميلون إلى استهلاك الملح بكثرة، مما يُفاقم ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول. يُفضل استخدام التوابل الطبيعية مثل الثوم، والقرفة، والزنجبيل، والزعفران لإضفاء النكهة.
الزعفران والفلفل
الزعفران يمنع السكتات الدماغية، ويُطهر الأوعية الدموية، ويُحسن المزاج والذاكرة. عدم تناوله قد يُسبب بهتان البشرة، بينما الإفراط فيه يُهيج الأعصاب. يُوصى بنقعه في الماء لمدة نصف ساعة قبل الاستخدام، أو استخدام جذوره في الأطباق الثقيلة مثل اليخنة.
الفلفل يُعالج بعض الأمراض الجلدية، لكن الإفراط فيه يُجفف البشرة ويُسبب التهيج. تناول الزعفران أو الفلفل باعتدال يُحافظ على الحيوية، بينما إهمالهما يُسبب الخمول واليأس.
الزيتون
الزيتون مع الزعفران أو العسل يُشكل مزيجًا مقويًا. الزيتون الناضج تحت الشمس، الناعم وكبير الحجم، يُسهل الهضم ويُطهر الأمعاء. وزيت الزيتون عالي الجودة يُعالج آلام الظهر، والتهاب المفاصل، ويُحسن وظائف الأعصاب. يُوصى بخلطه مع عصير الليمون وتطبيقه على البشرة لعلاج التشققات.
الثوم
الثوم يُقوي الجسد، ويمنع تصلب الشرايين، ويُنظم ضغط الدم، ويُعالج التهابات المعدة. يجب مضغه جيدًا للاستفادة منه، لأن بلعه كاملًا يُقلل فائدته. رائحة الفم الكريهة بعد تناوله قد تُشير إلى مشكلات في المعدة.
البصل
البصل يُنشط الجسد، ويُخفف التعب، ويُعالج التهاب الحلق. يُحسن استقبال الإشارات العصبية، ويُطهر الجسم من الميكروبات. يُفضل تناول البصل الصغير الحجم والحاد الطعم بحذر لتجنب تهيج اللثة.
الجوز
الجوز ذو القشرة الرقيقة والحبات الكبيرة يحتوي على دهون صحية تُحارب السرطان. أما الجوز الصغير ذو القشرة الصلبة فهو أقل فائدة. دقيق قشر الجوز يُقوي العظام والمفاصل، ويُعزز الصحة الجنسية، لكنه يتطلب استشارة طبية لتجنب اضطرابات الهضم.
تغذية الأفراد الضعفاء
الأفراد الضعفاء يُفضل أن يتجنبوا الخس، لأنه قد يُسبب الخمول. يُمكنهم تناول الكافيار، أو الجمبري، أو شرائح لحم الخاصرة، مع الخضروات مثل الريحان والتره والقرنبيط. تناول العسل والتين مرتين أسبوعيًا مع الحليب أو الشاي الفاتر يُقوي الجسد.
تغذية الجنين
يتغذى الجنين عبر المشيمة والحبل السري، وتؤثر جودة السوائل الرحمية على صحته. فالعدوى في هذه السوائل، الناتجة عن تغذية الأم السيئة، قد تُسبب أمراضًا مثل اليرقان. لذا، يجب على الأم اتباع نظام غذائي صحي لضمان ولادة طفل سليم.